منتديات جعلان > جعلان العامة > جعلان للمواضيع الاسلامية | ||
كتاب الطهارة |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
جعلاني متميز
غير متواجد
|
التيمـم
لغة:القصد اصطلاحًـا التعبد لله بقصد الصعيد الطيب للتطهر منه، قال تعالى: (فلم تجدوا الماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجهكم و أيديكم أن الله كان عفواً غفورا ) المراد الصعيد وجه الأرض ، سواء كان رملاً أو حجراً أو تراباً حتى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) تيمم من الحائط . كيفـيتـه : اختلف فيه العلماء من حيث : الكم،ومن حيث الصفة ، ولكن الصحيح ما دل عليه حديث عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم : ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة فمسح بها وجهه وكفيه ) متفق عليه وهو الراجح وجميع أحاديث الضربتين ضعيفة . أما حديث : أن التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين فهذا حديث ضعيف ، ومن استدل به على أن مسح اليدين إلى المرفقين وقاس التيمم على الوضوء فهذا قول ضعيف ورد عليهم بما يلي : 1. لأن الحديث سنده ضعيف لا تقوم به حجة وهو معرض لحديث عمار الثابت في الصحيحين . 2. استدلالهم بالقياس على الوضوء – غير صحيح ورد عليهم بما يلي : (1) للفرق بين التطهر بالماء والتطهر بالتيمم لأن التطهر بالماء يختلف بسبب الحدث سواء كان أصغر أو كبر فالأصغر غسل الأعضاء الأربعة ، والاكبر عم الجسم بالماء ، أما التيمم فيستوى فيه الحدث الأكبر والأصغر . (2) التطهر بالماء يتعلق بجميع البدن أو بأربعة أعضاء منه ، والتطهر بالتيمم يختص بعضوين هما الوجه والكفان . (3) التطهر بالماء يكون في الحديث الأصغر غسلا ومسحا ، وفي الحديث الأكبر غسل فقط أما التيمم مسح فقط ، من هذا لا يمكن قياس التيمم على الماء . 3. استدلالهم بالآية في قوله تعالى : ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ) بأن المسح يكون إلى المرفق ، ويرد عليهم : بأن اليد عند الإطلاق يراد بها الكف لقوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) من المعلوم : أن السارق يقطع من الكف ، وكذلك حديث ابن عباس : أمرت أن أسجد على سبعة أعظم . وذكر فيها اليدين ومن المعلوم أن السجود على الكفين والذراعين منهي عنه .. إذا يكون المقصود الكفين فقط . واليدين عند الإطلاق يراد بها الكفين حيث إن الله قيدها في الآية بقوله ( وأيديكم إلى المرفق ) فلو كانت اليد إلى المرفق لم تحتج إلى تغيير . شروط جواز التطهير بالتيمم ودليل ذلك : قال الله تعالى : ( وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لا مستم النساء فلم تجدوا ماء فتيموا ) شروطه : 1. عدم وجود الماء . 2. التضرر باستعمال الماء ولو وجد . - ولا يشترط اجتماع العذرين ، وإنما بوجود أحدهما . (أ) دليل الشرط الأول : قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم : (وجعلت تربتها طهورا إذا لم تجد الماء ) وهذا دليل خاص . (ب) دليل العام قوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) (ت) دليل الشرط الثاني ، حديث عمرو بن العاص أنه كان في سفر فأصابته جنابة وكان الوقت باردا فتيمم وصلى بأصحابه ولما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم ذكر له ذلك فقال : ( أصليت بأصحابك وأنت جنب ؟) قال يا رسول الله ذكرت قول الله تعلى ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) وكانت الليلة باردة ، فتيممت وصليت ) فأقره الرسول صلى الله عليه وسلم (وفيه رد على من قال بعدم إمامة المتيمم للمتوضئ ويفهم من الحديث أنهم توضئوا ولذلك أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم على عمرو تيممه ) وذلك في بداية الأمر . سؤال : هل يشترط دخول الوقت للتيمم ؟ الجواب : اختلف العلماء في ذلك كما يلي : 1. القول الأول : اشتراط دخول الوقت للتيمم ويحتجون بأن طهارة التيمم طهارة ضرورة فإذا كانت طهارة ضرورة وجب أن تتغير بالوقت . - أنه إذا تيمم قبل دخول الوقت بما يجد الماء أو يزول المرض في ذلك الوقت فعليه أن ينتظر حتى يدخل الوقت فإذا دخل ولم يجد الماء فليتيمم ويصل . - قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرفق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لا مستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا ) فقد قال تعالى في هذه الآية ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ) فلا يقوم الإنسان إلى الصلاة إلا بعد دخول الوقت . 2. القول الثاني : عدم اشترط دخول الوقت لأنه لا دليل على ذلك وأجابوا على أدلة أصحاب القول الأول ، ولقد استدلوا تعالى: ( فلم تجدوا ماء ) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : جعلت تربتها طهورا إذا لم نجد الماء ، فهذا عام وكذلك العموم في قوله : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل . فقد ذكر عموم المكان وعموم الزمان . ولقد أجابوا على أدلة أصحاب القول الأول بما يلي : 1. قولكم : إنها طهارة ضرورة فتتعلق بالوقت : فهذا غير صحيح لأن طهارة الضرورة تتعلق بالفعل لا بالوقت فيلزمكم أن تقولوا : لا يجوز أن يتيمم للصلاة إلا إذا أراد أن يصلي بالفعل ويبطل التيمم بمجرد انتهاء ولكنكم لا تقولون بذلك . 2. قولكم : إنه يخشى أن يجد الماء قبل الوقت ويبرأ المريض قبل دخول الوقت نحن نوافقكم على ذلك وأن هذه الخشية محتملة ولكن هذا الاحتمال موجود إذا تيمم بعد دخول الوقت ولا يسقط ، وأنتم تقولون : إذا تيمم بعد دخول الوقت ولم يصل إلا في آخر الوقت فهذا جائز مع أنه يحتمل أن يقع ما تحذرون في هذه الفترة . إذا كان هذا الاحتمال قائما فلا مانع من قيامه ولكن يتيمم قبل دخول الوقت وإن جاء الماء قبل دخول الوقت أو بعد دخول الوقت فإن تيممه يبطل ويتوضأ وكذلك إن برئ المريض بطل تيممه ووجب عليه الوضوء ، لأن الأصل عدم وجود الماء ، هذا هو القول الراجح . 3. أن هذه الآية لا تقولون بموجبها لأنكم لو أخذتم بالآية لقلتم أيضا : لا يجوز الوضوء إلا بعد دخول الوقت لأن الوضوء هو المقرر بالآية ، فكيف تبيحون الوضوء قبل الوقت ولا تبيحون التيمم قبل الوقت ولا تبيحون التيمم إلا بعد دخول الوقت ؟ 4. إذا ليس في الآية دليل لهم ولا عليهم ، ولكن الله قيد الوضوء بالقيام إلى الصلاة لأنه لا يفرض إلا بالقيام إلى الصلاة ولكنه قبل ذلك ليس بفرض والله يريد أن يبين متى يجب الوضوء . سؤال : هل التيمم مبيح أم رافع للحث مطهر ؟ الجواب : معنى مبيح أي : أننا نستفيد به استباحة الصلاة ونحوها مما لا يصلح إلا بوضوء ، معنى أنه رافع أي : أنه يرفع الحدث كطهارة الماء تماما . والراجح : أنه رافع . والدليل على ذلك : آن الله تعالى قال لما ذكر التيمم : ( فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم). فجعل الله التيمم مطهرا ولم يجعله رافعا . كذلك قوله الرسول صلى الله عليه وسلم : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا . والطهور – بفتح الطاء -: الذي يتطهر به كما قال تعالى : (وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الماء طهور وبما أن الماء طهور يتطهر به كذلك التراب . - يترتب على ذلك أمور مثالها : سؤال : هل التيمم مدخل في طهارة غير الحدث ، وما الدليل على ذلك ؟. الجواب : التيمم لا مدخل له في غير طهارة الحدث الدليل على ذلك : أنه لم يرد في الشرع التيمم عن النجاسة وإنما النجاسة تزال إن أمكن ، إن لم يمكن صلى الإنسان بحسب حاله ، ولا عليه شيء إن شاء الله ، وكذلك المريض إذا كان في ثيابه نجاسة ولا يستطيع خلعها ولا غسلها فيصلي ولا يتيمم ، وإنما يتيمم عن الحدث فقط . مبطلات التيمم :1. يبطل بما به طهارة الماء فإن كان التيمم عن حدث أصغر بطل بنواقض الوضوء ، إذا كان عن الحدث الأكبر بطل بموجبات الغسل ، وهو الراجح . 2. عند بعضهم : أنه يبطل بخروج الوقت وهذا غير صحيح لأنه رافع للحدث ومطهر وعلى هذا فإنه لا يبطل بخروج الوقت . 3. زوال العذر المبيح للتيمم .. فإذا كان لعدم الماء بطل بوجود الماء ، وإذا كان لمرض بطل بالزوال ونحو ذلك . فإذا قيل : أنه يعارض قولكم إنه رافع فكيف يغتسل والتيمم رافع ومطهر ؟ يرد عليه أننا لا نقول : إن الجنابة عادة إلا بدليل من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قوله : الصعيد الطيب وضوء المسلم أو طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجده فليتق الله وليمسه بشرته ) فعلى ذلك يكون التيمم رافعا للحدث مادام سببه موجودا ، أما إذا زال سببه فيرتفع . |
جعلاني متميز
غير متواجد
|
أحكام الطهارة والنجاسة
النجس والطاهر موقوف على ما جاء به الشرع ، لأن الناس قد يستطيبون الخبيث ويكرهون الطيب ، وهذا أمر واقع مشاهد . .على هذا يكون الأصل في الأشياء الطهارة فكل شخص يقول : هذا نجس .. يحتاج إلى دليل ، وكل من قال هذا طاهر .. لا يحتاج إلى دليل ، لأن الأصل الطهارة . والدليل على أن الأصل الطهارة : قوله تعالى : ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) وكه الدلالة :أنه إذا كان خلوقا لنا نفهم من ذلك أن يباح لنا أن ننتفع به كيف الإنسان كيف شاء . الأشياء النجاسة : كل حيوان محرم الأكل سوى الآدمي ، وما لا نفس له سائلة ، وما يشتق التحرز منه كالهر ونحوه سوى الكلب . دليل ذلك : قوله ( قل لا أحد في ما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو مسفوحا أو لحم خنزير فإن رجس ) دليل ذلك من السنة : حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا طلحة يوم خيبر فنادى : إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر ، فإنها رجس . نعم من هذه الآية والحديث أن كل محرم إنما حرم لنجاسته . أولا – طهارة الآدمي :يستثنى من هذه القاعدة لحم الآدمي ، فإنه طاهر سواء كان مؤمنا أم كافرا ، الدليل على طهارته – المؤمن – قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة : إن المؤمن لا ينجس . طهارة الكافر : 1. قال بعض العلماء : إنه طاهر واستدلوا بما يلي : (أ*) أن الله أباح نساء أهل الكتاب وأباح ذبائحهم وهم كفار ، ومن المعلوم : أن الذبيحة هم الذين يتولونها أثناء ذبحها ويمسونها وهي رطبة والطعام كذلك ، والمرأة إذا جامعها زوجها سوف يناله من رطوبتها ، والله لم يأمر بغسل طعامهم ولا أمر المسلم بعسل ما أصابه من زوجته الكتابية ، وهذا دليل طهارتهم بأبدانهم . (ب*) ثبت في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه توضئوا من مزادة مشركة مع العلم أن هذه المشركة سوف تباشر هذه المزادة . 2. قال بعض العلماء : إن الكافر نجس ، وأدلتهم ما يلي : قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ). وكذلك مفهوم الحديث : إن المؤمن لا ينجس ، أن الكافر ينجس . وأجابوا عن ما استدل به أصحابه القول الأول في طهارة بدن الكافر في طهارة طعامهم وحل نسائهم ، قالوا : عدم النقل ليس نقلا للعدم ، لأنه معروف أنهم نجس ، أن الغسل منهم لابد منه ولو لم ينقل لأن هذا شيء واقع مفهوم بدون نقل . ورد أصحاب القول الأول على أدلة الرأي الثاني بما يلي : 1- أن النجاسة في قوله تعالى : ( إنما المشركون نجس ) المراد بها النجاسة المعنوية لا الحسية .. والدليل على ذلك : أن الله تعالى لم ينهنا أن نقرب المسجد الحرام حماراا ولا الكلب، مع العلم أنه ثابتة نجاستهم ، فلو كانت النجاسة المقصودة في الآية نجاسة حسية لوجب منع الكلاب ونحوها من الأشياء الثابت نجاستها . 2- النجاسة المذكورة في القرآن نجاسة معنوية ، نجاسة الشرك ، ولهذا قال : ( إنما المشركون نجس ) والحكم إذا علق على وصف كان ذلك الوصف هو العلة ، ونجاسة المشركون لشركهم ، ومن المعلوم أن الشرك أمر معنوي وليس حسيا .. إذا النجاسة معنوية . 3- حديث أبي هريرة : إن المؤمن لا ينجس . دلالة هذا الحديث على نجاسة الكافر دلالة مفهوم , ومن المعلوم أن دلالة المفهوم ليس لها عموم ، ومن العبارات المفهومة عند الأصوليين : ( المفهوم لا عموم له ) وتصدق بصورة واحدة مفههومة ، وهي أن الكافر ينجس ، ولكن هذه النجاسة نجاسة معنوية ، ولهذا صدق المفهوم على النجاسة المعنوية . |
جعلاني متميز
غير متواجد
|
ثانيا – طهارة ما لا نفس له سائلة :والمراد بالنفس الدم ، أي لا يخرج من الحيوان عندما يجرح أو يقتل ، ودليل ذلك : حديث أبي هريرة : إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه فإنه في إحدى جناحيه داء والآخر شفاء .وجه الدلالة من الحديث : ظاهره ، لو كان الذباب نجسا لوجب إذا وقع في الشراب إراقته لأن الشراب عادة يكون قليلا ، فدل هذا على أن ما لا نفس له سائلة يكون طاهرا ، مثله البعوض .
طهارة ما يشق التحرز منه : كالهر ونحوه سوى الكلب الدليل على ذلك : قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة ، وذلك أن أبا قتادة دعا بماء للوضوء ، فجيء بماء يتوضأ به فجاءت هرة فأصغى لها الإناء لتشرب فقال له من عنده فقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الهرة : إنها ليست بنجسة إنها من الطوافين عليكم . إن العلة كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أنها من الطوافين ، ليست كما علل بعض العلماء أنها للكبر في الجسم حيث قالوا : الهر وما دونها في الخلقة طاهر بل يقال : الهرة وما شابهها من الطوافين علينا طاهر مثل الفأر والبغل والحمار لأن الطواف يشق التحرز منه . أما الكلب فهو مستثنى من الطواف لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداها بالتراب .كل ما خرج من محرم الأكل فهو نجس . نحو البول ، لحديث ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال : إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول . وفي رواية للبخاري من بوله وكذلك الغائط . ودليله : أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستنجي ويستجمر منهما ونهي عن الاستجمار بالروث والعظم وقال : إنهما لا يطهران . وكذلك الأعرابي لما بال في المسجد قال : أريقوا على بوله سجلا من ماء . وهذه القاعدة يستثنى منها مني الآدمي وريقه ومخاطه ولبنه وما خرج مما لا نفس له سائلة . مني الآدمي : فد اختلف العلماء في طهارته . منهم من قال : إنه نجس لأنه خارج من السبيل ومستقذر كالبول والغائط ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يغسل المني من ثوبه والغسل دليل على نجاسته وإلا لما احتاج إلى غسله . ومنهم من قال بطهارته وليس بنجس ويعللون ذلك بما يلي : بأن الاستقدار ليس حكما شرعيا لأن الناس منهم من يستقذر الطيب ومنهم من يستطيب القذر وذلك ليس بعلة مثله : المخاط وشبهه مستقذر وليس بنجس . قولكم : إنه خارج من السبيل فليس كل ما خرج من السبيل نجسا لأن الولد يخرج من فرج المرأة وهو طاهر . لإثبات أنه طاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يغسل رطبه ويفرك يابسه ولو كان نجسا لا يعني فيه الفرك . والمني أصل الإنسان وقد قال تعالى : (خلق من ماء، دافق ن يخرج من بين الصلب والترائب ) فإذا كان أصل الإنسان فيكون طاهرا لأن الإنسان طاهر وهل يليق أن نجعل أصل الأنبياء والرسل مادة نجسة ! طهارة مني الآدمي هي الراجحة لبن الآدمي : طاهر لأنه حلال ولو كان نجسا لما كان حلالا. ريق الآدمي : طاهر .. دليل ذلك : حديث تسوك الرسول صلى الله عليه وسلم بسواك عبد الرحمن بن أبي بكر حين دخل على الرسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه سواك يستن به . فنظر إليه الرسول صلى الله عليه وسلم يرغب أن يستاك فأخذت عائشة السواك فطيبته بفمها ونظفته ثم أعطته الرسول صلى الله عليه وسلم فتسوك به . مخاط الآمي : طاهر .. ودليل ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر المصلي إذا تمخط أن يكون ذلك في ثوبه ، والنخامة أو عن يساره إذا كان في غير المسجد . ما خرج مما لا نفس له سائلة : مثل : الذباب أو البعوض ، وقد اختلف العلماء فيه : منهم من قال : إن الخارج مما لا نفس له سائلة نجس ، لأنه جوف محرم الأكل . وقال بعضهم : ليس بنجس وكل ما خرج مما لا نفس له سائلة يكون طاهرا لأن ميتته طاهرة فما خرج منه فهو طاهر وكذلك لمشقة التحرز منه . |
جعلاني متميز
غير متواجد
|
ثالثا – جميع الميتات :
( سوى ميتة الآدمي وحيوان البحر ، وما لا نفس له سائلة ) الدليل على أن الميتة نجسة : قوله تعالى : ( قل لا أجد في ما أوحى إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس ) أي نجس وكذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر بشاة يجرونها ميتة فقال : هلا أخذتم إهابها ؟ فقالوا : إنها ميتة فقال : يطهرها الماء والقرظ . وقال : دباغ جلود الميتة طهور . فمن المعلوم : أن التطهير لا يكون إلا في مقابل النجس . 1. ميتة الآدمي طاهرة .. دليل ذلك : عموم قوله صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن لا ينجس . وهذا يشمل الآدمي سواء مؤمن أو كافر . 2. حيوان البحر ميتته طاهرة .. دليل ذلك : قول الله تعالى : ( أحل لكم صيد البحر وطعامة ) قال ابن عباس : صيده ما أخذ حيا ، وطعامه ما أخذ ميتا . من السنة : حديث أبي عبيدة أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعثه في سرية وأعطاهم جرابا من التمر فنفد التمر حتى صار يعطي الواحد منهم ثمرة واحدة فقط يدخلها في فمه ويمصها كما يمص الصبي ، ثم إن الله تعالى قيض لهم حوتا كبيرا يسمى العنبر ، وهو كبير جدا حتى إن قحف عينه يجلس فيه ثلاثه عشر رجلا فيسعهم ن وأخذوا أحد أضلاعه ووضعوه في الأرض كالقوس ورحلوا أكبر جمل معهم فمر من تحته فجعلوا يأكلون منه حتى قدموا المدينة ، وكان معهم منه وشائج . وحديث ابن عمر : أحلت لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان : فالجراد والحوت أ وأما الدمان : فالكبد والطحال . لو كانت ميتة الحوت نجسة لما حلت لنا . 3. ما لا نفس له سائله .. دليل ذلك : حديث أبي هريرة وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم : إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه ، وجه الدلالة أن قوله : في شراب يشمل الحار والبارد ومن المعلوم : أن الذباب إذا غمس في الماء الحار يموت ولو كانت ميتته نجسة لوجب إراقة هذا الشراب ولم يجز غمسه فيه وكذلك حديث ابن عمر : أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالجراد والحوت وأما الدمان فالكبد والطحال . رابعا – كل جزء افصل من حيوان ميتته نجسة فهو نجس : ( يستثنى من ذلك الشعر والصوف والوبر والريش ) دليل ذلك قوله تعالى : ومن أصوافها واو بارها واشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين ) وليس من الممكن أن تكون الأصواف والأوبار وغيرها أثاثا إلا بعد الانفصال . إن هذه الأشياء ليس فيها دم مثل ما لا نفس له سائلة يعتبر طاهرا لعدم وجود الدم لأن علة التنجس غالبا الدم . أضاف إليها شيخ الإسلام ابن تيمية : القرن والعظم وعلل أنها مثل : الشعر ليس فيها دم وقال : كل شيء لا يختزن فيه الدم فإنه يعتبر طاهرا وليس بنجس . |
جعلاني متميز
غير متواجد
|
خامسا – الدم إذا كان من أدمي أو حيوان ميتته نجسة :وقد استدل بقوله تعالى : ( أو دما مسفوحا ) وكذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمرأة المستحاضة : إذا أدبرت الحيضة فاغسلي عنك الدم وصلي ) وقال في دم الحيض يصيب الثوب : تحته ثم تقرضه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه ) بهذا استدلوا على نجاسة دم الآدمي .
قال بعض العلماء : إن الدم الخارج من الآدمي ليس بنجس إلا دم الحيض لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل دم الحيض أما ما عداه فليس بنجس واستدلوا على قولهم بما يلي : 1. أن الأصل الطاهرة . 2. أنه لو قطعت يد الآدمي فهذه اليد طاهرة فإذا كان العضو إذا انفضل من الجسد طاهرا فالدم من باب أولى . أما الحيض : فهو نجس بنص الحديث لأنه دم منتن خبيث ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة المستحاضة : إن ذلك دم عرق وليس بحيض . ففرق بين دم العرق ودم الحيض ، وذلك معلوم لخبثه ونتنه . 3. أن الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بغسل دماء الشهداء ، ولو كانت نجسة لغسلها وأزالها لأنها أذى ، ولا يمكن أن تقدم الشهيد إلى ربه وهو متلوث بالنجاسة . 4. أن المسلمين كانوا يصلون في جراحاتهم ولا سيما الرجلان اللذان بعثهما الرسول صلى الله عليه وسلم ليكونا عينا على العدو فجعل أحدهما يصلي والثاني ينظر فطعن الآخر وهو يصلي ولكنه بقي في صلاته حتى أتمها ، فلو كان نجسا لما أتم صلاته . 5. لا دليل على نجاسة دم الآدمي إلا دم الحيض والفرق بين دم الحيض والدم الطبيعي من وجوه متعددة لا في ذاته ولا في أحكامه فالحيض يوجب ترك الصلاة والصيام والغسل وتجنب الإنسان لزوجته وغيرها من الأحكام وهو خبيث الرائحة غليظ أسود اللون . الراجح : أن دم الآدمي طاهر وليس بنجس إلا إذا كان دم حيض فقط وذلك لعدم الدليل على نجاسته والإجابة على دليل أصحاب القول الأول بالآية : ( أو دما مسفوحا ) نرد عليهم : لا شك أنه مسفوح مما يؤكل لأنه قال : ( لا أجد في ما أوحى إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا ) ولا يتبادر إلى ذهن قارئ الآية دم الآدمي ولا يقصد الدم مطلقا . الحيوان الذي ميتته نجسة : كالحمار والجمل ونحوها واحترزنا بقولنا : الحيوان الذي ميتته من الحيوان الذي ميتته طاهرة كالحوت ونحوه ، لأن الدم جزء انفصل ولقد جاء في الحديث : ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت ، وإذا كان السمك ميتة طاهرة لزم أن يكون دمه طاهرا ، وذلك ما لا نفس له سائلة فإن دمها طاهر . أم دم الآدمي : فليس بنجس إلا ما دل الدليل على نجاسته كدم الحيض . وقال بعض العلماء : ما خرج من سبيل كدم الحيض والاستحاضة وما اشبهه ويستثنى من هذه القاعدة : ما يبقى في اللحم والعروق بعد الذكاة الشرعية ، ولو كان كثيرا كدم الكبد ودم القلب وما يخرج من اللحم عند التقطيع ونحوه يكون طاهرا لأنه بعد الذكاة الشرعية ، وإذا كان اللحم الذي يحمل هذا الدم طاهرا فالدم كذلك طاهر . وقولنا : بعد شرعية احترازا مما يبقى في اللحم والعروق بعد الموت . ويستثنى أيضا : دم الشهيد عليه ( عند من قال بنجاسة دم الآدمي ) وقولنا : عليه ، احترازا مما لو أصاب غيره ، فإنه إذا أصاب غيره فإنه يكون نجسا . وإذا قال قائل : كيف يكون طاهرا على صاحبه وإذا انتقل إلى غيره يكون نجسا ؟ نقول له : كذلك العذرة فإنها إذا انتقلت إلى خارج جسم اإنسان تكون نجسة أما وهي في بطنه تكون طاهرة ودليل ذلك : أن الرسول صلى الله عليه وسلم ( أمر بشهداء احد أن يدفنوا في ثيابهم بدمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم ) ويسثنى المسك وفأرته : وهو عبارة عن بعض دم الغزال أما فأرته : فهي وعاؤه الذي فيه وسمى بالفأرة لأنه شبيه بها وهو يعتبر طاهرا لأنه استحال من الدم إلى المسك نظير ذلك قياسا الخمرة إذا تحولت من خمر إلى خل فهي في هذه الحالة تطهر . |
جعلاني متميز
غير متواجد
|
سادسا – ما تحول من الدم كالقيح والصديد من الجروح :
1. الدم إذا تحول قيح أو صديد ، فإنه يكون نجسا على رأي كثير من أهل العلم اعتبارا بالأصل لأن الأصل نجس : وهو الدم هذه علة من يرى نجاسة هذه الأشياء لأن الأصل يتبع الفرع . 2. ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية : أنه ليس بنجس وانه طاهر مهما كثر لأن هذا ليس بدم والدليل إنما جاء بنجاسة الدم فقط أما هذا فليس بدم لأنه استحال ، والنجس إذا استحال إلى أمر آخر صار هذا الأمر طاهرا ويستدل على ذلك بقياسه على الخمر إذا تخلل ، والدم إذا تحول إلى مسك ، ويقول : كل عين إذا تحولت إلى عين أخرى فإنها تكون طاهرة وكذلك النجاسة إذا تحولت إلى رماد تكون طاهرة لأنها غير عين النجاسة الأولى ، وكذلك إذا وقع الكلب في ملاحة وصار ملحا فإنه يطهر لأنه تحول إلى عين آخرى واختار ذلك لعدم الدليل على نجاسته . سابعا – الخمر :والخمر كل مسكر سواء من عنب أو تمر أو شعير ونحوه ، والإسكار هو تغطية العقل على سبيل اللذة ، ولا يجوز أن يقال : تغطية العقل فقط ، لأنه على ذلك يشمل النوم والإغماء ونحوه ، وذلك ليس بمسكر ، وإنما المسكر هو ما عرف سابقا . والدليل على نجاسة : قوله تعالى : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) الرجس : هو النجس لقوله تعالى : ( لا أجد في ما أوحى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس ) أي : نجس وسماه الرسول صلى الله عليه وسلم : أم الخبائث ، والخبائث كل شيء رديء والرداءة هنا بمعنى النجاسة . ولكن الراحج : أن الخمر ليس بنجس فلا ينجس الثوب إذا أصابه ونحو ذلك ولكن شربه محرم ومن أنكره فقد كفر . وهناك فرق بين تحريم شربه ونجاسته ، فقد يكون الشيء محرما وليس بنجس كالسم فهو محرم وليس بنجس والدخان محرم وليس بنجس ونحو ذلك ولا يمكن أن يكون الشيء نجسا إلا ويكون محرما ، من هذا نخرج بأن كل نجس محرم وليس كل محرم نجسا وطهارة الخمر هي الراجحة والإجابة على الذين استدلوا بنجاسه كما يلي : 1. من تأمل الآية عرف أن المراد بالرجس : الرجس العملي وليس الرجس الذاتي ، فقد قال تعالى : إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل ) فهو رجس عملي لا رجس حسي فإذا كان عمليا فهو معنوي كما جعل الله المشركين نجسا نجاسة معنوية ، كما أن الميسر ليس نجاسته حسية وكذلك الأنصاب ليست لنجاسة حسية ، وإنما عملية لأن الصنم قد يكون من حجر أو من خشب فليست نجاستة نجاسة حسية ، وكذلك الأزلام وهي التي يستقسم بها العرب في الجاهلية ، إذا هم أحدهم بأمر أتى بثلاثة أقداح كتب على احدها أفعل ، والثاني لا تفعل الثالث ليس فيه شيء يخلطها في كيس أو شبهة ثم يدخل يده في ذلك المكان ، فإن خرج أفعل عمل أو لا تفعل لم يفعل ما هم به وإن خرج الفارغ أعاد الكرة . هذه الأزلام نجسة معنويا والخمر مثلها . ويمكن إثبات الدليل على طهارتها مع أنه لا يلزم أن نقول بحلها وأصل الأشياء الحل لما حرمت الخمر كانت في أواني ، لم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بغسل تلك الأواني بعد إراقة الخمر منها ، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بغسلها عندما حرمت لحوم الحمير الأهيلة ، ذلك عام خيبر . والخمر لما حرمه أريق في أسواق المدينة ، ولو كانت نجسة لحرمت إراقتها في الأسواق كما يحرم فيها البول والغائط من هذا نستدل على طهارتها . حكم استعمال العطور التي يروى أنها تسكر :إذا قلنا : بطهارتها فعلينا أن ننظر إلى الآية الكريمة : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) إذا أخذنا الأمر بالاجتناب على عمومه صار شاملا لاجتناب شربه واقتنائه واستعماله ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة الخمر فهذا دليل على أنه يجب على مسلم اجتنابه مطلقا. وإذا أعدنا النظر في الآية فإنه يمكن أن يحمل الاجتناب على الشرب ، أي اجتنبوا شربه بدليل قوله تعالى ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ) ولا تكون هذه العلة إلا إذا شربه فلا يمكن وقوع هذه العلة إذا استعمله في التطيب أو غيره . وهذا دليل على أن المقصود بالاجتناب هو الشرب . على هذا إذا كانت الآية نظرنا إلى العموم دلت على شيء ، وإذا نظرنا إلى الخصوص دلت على شيء مناقص للأول . من هذا نعلم أن الآية من المتشابه وعليه إذا كان الحكم من الأحكام المشتبهة ، فإن الورع التنزه عن ذلك ولذلك يجب على المسلم أن يجتنب التطيب ، أما إذا كان في نسبة قليلة لا تصل الحد الإسكار فهذا لا بأس به وكذلك لو احتاج إليه في تطهير الجروح ولو كان فيه نسبة من الإسكار عليه فيجوز له لأنه لم يتبين تحريمه . هذه الضوابط السبعة هي التي تبين الأشياء النجسة ما عدا ذلك فهو طاهر وليس محل إجماع بين أهل العلم بل فيه خلاف إنما هذه السبعة هي التي نرى أن الدليل يدل عليها وما عداها فهو طاهر . ملاحظة : من الطرق التعليمية أنه إذا كان الشيء ينقسم إلى قسمين أحدهما محصور والثاني غير محصور فإنك تذكر المحصور وما عداه فهو خلا ذلك الحكم ، ولذلك لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم ؟ قال : ما لا يلبس محصور وما يلبيه غير محصور . |
جعلاني متميز
غير متواجد
|
ما يعفى عنه من النجاسات :
أولا – يسير الدم إلا ما خرج من أحد السبيلين : والمراد ما خرج من الدم النجس ، لكن بشرط أن يكون من حيوان طاهر احترازا من يسير الدم ، إذا كان من حيوان نجس ، كما لو خرج دم من *** فهذا لا يعفى عنه ، يسيرا كان أم كثيرا ونحوه من الحيوانات النجسة . وإذا كان من حيوان طاهر كالهر والإنسان والبغل ، فإذا اليسير من دمهم يعفى عنه . وضابط اليسير قد اختلف فيه العلماء . 1. قال بعض العلماء : إن ضابط اليسير يرجع فه إلى العرف والعادة فما عده الناس يسيرا فهو يسير ، وما عده الناس كثيرا فهو كثير . 2. يرجع إلى نفس الإنسان المصاب بهذا الدم ، فإذا كان يعتقد أنه يسير فإنه يسير ، وإذا أعتقد أنه كثير فإنه كثير . والراجح : هو الأول لأنا لو رددناه إلى كل إنسان بحسبه لاختلف اليسير والكثير ، لأن بعض الناس يكون متشددا فأي نقطة يراها كبيرة والبعض الآخر متساهل فأي نقطة يراها صغيرة وهذا لا ينضبط على قاعدة ولذلك يرجع إلى عرف الناس . 3. ما كان بقدر الدرهم البغلي فهو قليل – الدرهم البغلي: النقطة السوداء التي تكون في ذراع البغل – وما كان أكبر فهو كثير . الدليل على أصل هذه المسألة : قال العلماء في ذلك ( مشتقة التحرز منه ) وكلما كثرت الشقة قلت المؤنة ولهذا علل النبي صلى الله عليه وسلم الهرة بكونها طاهرة لأنها من الطوافين علينا وعلى هذا إذا قلنا بهذا القول فثوب القصاب إذا أصابه دم من المذبح فإنه يعفى عنه أكثر مما يعفى عن ثوب الرجل الذي لا يلابس هذه المهنة . وذلك لأن مشقة التحرز لديه أكثر من مشقة التحرز لذى الإنسان الذي لا يلابس هذه المهنة . يستثنى من ذلك ما خرج من أحد السبيلين فإن ما خرج لا يعفى عنه كدم الحيض والاستحاضة والباسور وغيرها ، مما يخرج من السبيلين فإن قليله وكثيره لا بد من غسله ودليل ذلك : أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن دم الحيض يصيب الثوب ، قال : تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه . والقرص يكون بين الإصبيعين ، وهذا لا يكون إلا في الشيء اليسير ، وكما أن البول لا يعفى عن يسيره كذلك الحيض وغيره لأن المخرج واحد . ثانيا – المذي وسلس البول مع كمال التحفظ المذي : يخرج بدون دفق ولا يخرج بلذة وإنما فتور الشهوة . الودي : ماء غليظ ابيض يخرج بعد البول . اليسير من المذي : المذي لا يضر بشرط أن يكون الإنسان متحفظا ، كذلك سلس البول وهو عدم تمكن الإنسان من إمساك بوله ، لا يضر إذا يسيرا مع كمال التحفظ وذلك لمشقة التحرز . ثالثا – يسير القيء : والقيء نجس ولكن يعفى عن يسيره وذلك لسببين : السبب الأول – مشقة التحرز والثاني – أن هذا القيء لم ينعقد خبثه تماما لأنه لازال في المعدة ولا ينعقد إلا إذا نزل . وقال بعض العلماء : إن القيء إذا خرج بطبيعته فليس بنجس إطلاقا ، لأنه خرج بدون أن يتغير .. ولكن الراجح القول الأول مع العفو عن يسيره . رابعا – يسير بول الحمار والبغل وروثهما : على من يلابسهما كثيرا وبولهما نجس ، ولكن اليسير منهما على من يلابسهما كثيرا معفو عنه والعلة مشقة التحرز من ذلك كالحمار . خامسا – بول الخفاش : عند بعض العلماء : اليسير من بول الخفاش معفو عنه عند بعض العلماء لمشقة التحرز منه . سادسا – يسير جميع النجاسات : عند شيخ الإسلام ابن تيمية الغالب في طريقه الأخذ بالنضر العامة ، وإذا كان هناك نصوص خاصة يأخذ بها . ويقول شيخ الإسلام :هذه الشريعة التيسير قال تعالى ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) و ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن هذا الدين يسر ) يقول : هذه النجاسات لاشك أنها تختلف بملابسة الإنسان لها كثيرا وبعد الملابسة ، وبكبر حجمها وبصغره فيرى أن جميع النجاسات يعفى عن يسيره حتى البول والغائط . ولكن الراجح أن ذلك يدور على مشقة التحرز ، ولذلك كل نجاسة يشق التحرز منها يعفى عن يسيرها . - ودليل ذلك : أن الرجل عندما يبول أو يتغوط إما أن يكون بالاستنجاء او الاستجمار ، ومن المعلوم : أن الاستجمار لا يزيل النجاسة تماما وهذا الأثر يسير فعفى عنه لأنه يسير لأجل المشقة ، هذا دليل على أنه كلما صعب التحرز من النجاسة خفت مؤنتها وعفى عن يسيره ، أما إذا كان أمره يسيرا وازالته يسيرة وجب إزالته وهناك دليل هو قصة المرأة الحائض ، فإنه أمرها أن تحته وتقرصه ، هذا دليل على أنه يسير والحائض ليس هذا بمشقة لها ، لأنها لا تغسل الدم إلا بعد الطهر ولا يكون ذلك إلا مرة واحدة ، هذا ليس بمشقة لها . من هذا نعلم أن ما بعد ما ذكره شيخ الإسلام وجيه ، ولكن ينبغي أن يقيد بما إذا كانت النجاسة يشق التحرز منها . |
جعلاني متميز
غير متواجد
|
كيفية تطهير النجاسات:يشترط في زوال جميع النجاسات زوال العين ، فلا يمكن أن تطهر إلا بزوال الجرم ، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام :
1- مغلظة 2- مخفضة 3- متوسطة . 1. المغلطة : نجاسة ال*** ، لا بد فيها من سبع غسلات إحداها بالتراب . الدليل على ذلك : حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا شرب – أو ولغ – ال*** في إناء أحدكم فليغسله سبعا أولاهن أو إحداهن بالتراب ) والأولى أكد لأنها مبينة ، أما إحداهن فهي مبهمة . - يرى بعض العلماء : أن غير التراب يقول مقام التراب ، فتغسل مثلا بصابون أو غيره . وحجتهم : أن الرسول صلى الله عليه وسلم عين التراب لقوته في الإزالة ، فإذا وجد ما يماثله في الإزالة أغنى عنه ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم عين التراب ، لأنه أسهل الأشياء لأنه موجود في كل مكان وسهولة تناوله لا لمعنى فيه . - يرى البعض الآخر من العلماء : أن غير التراب لا يجزئ مع وجود التراب ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عينه ولأنه أحد الطهورين : ( الماء والتراب ) ولا يجوز العدول عنه إلى مزيل آخر إذا عدم التراب ، لاسيما بعد ما ثبت في هذا الزمان عند الأطباء أن التراب يقتل الشريطة التي في لعاب ال*** ، ولا يلحق به غيره من ذئب أو خنزير . 2- النجاسات المخففة : 1- بول الغلام . 2- المذي . وهذان النوعان من النجاسة يكفي فيهما النضح : وهو أن تصب الماء على محل النجاسة حتى يعمها بدون غسل وبدون فرك . (أ) دليل الأول : حديث أبي السمح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام .وحديث أم حصين الأسدية أنها جاءت بابن لها إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل الطعام فأقعده على حجره فبال في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله .. وتعليل ذلك كما قال العلماء : 1. أن المسألة من باب التعبد لأنه إذا دل الشرع على الفرق فالواجب التسليم سواء عرفت السبب أم لم تعرف ولو كنا لا نقبل من الشرع إلا ما علمنا حكمته لكان ذلك أننا نقبل الشرع إن وافق اهواءنا وعرفنا حكمته ، وإلا تركناه والمؤمن يسلم تسليما كاملا . 2. من العلماء من قال : إن المسألة فيها حكمة ، وهي أن الغلام غذاؤه لطيف وهو اللبن ، واللبن اقل غلظا وكثافة من الطعام ، والذكر أقوى من الأنثى في القوى الداخلية والخارجية وبهذا السبب يجعل بوله أخف من بول الجارية . والذكر عندما يبول يخرج باندفاع قوي والبنت بعكس ذلك ، والذكر أغلى من البنت ، وحمله يكون أكثر .. (ب) المذي يكفي في غسلة النضح ، ودليلة حديث سهل بن حنيف : أن النبي صلى الله عليه وسلم ( أمر بنضح المذي ولم يأمر بالغسل )((من حديث سهل بن حنيف رضى الله عنه قال : كنت ألقى من المذي شدة وعناء ، فكنت أكثر منه الغسل ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى اله عليه وسلم وسألته عنه فقال : ( إنما يجزيك من ذلك الوضوء ) فقلت : يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي منه ؟ فقال : يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه أصاب منه )) قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ولا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق في المذي مثل هذا وقد اختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب فقال بعضهم : لا يجزي إلا الغسل ، وهو قول الشافعي وإسحاق وقال بعضهم : يجزئه النضح وقال أحمد أرجوا أن يجزئة بالنضح بالماء )). وذلك لمشقة التحرز والمذي ليس كالبول ولا المني وإنما وسط ولذلك أمر الشارع بنضحه ولم يأمر بغسله . 3- النجاسات المتوسطة : وهي لا بد فيها من الغسل ولا يشترط العدد فيها وهي ما سوى النجاسات المغلظة والمخففة ويكفي فيها زوال عين النجاسة بدون عدد . (أ) قال بعض العلماء : لا بد من غلسلها ثلاث مرات قياسا على الاستجمار (ب) قال آخرون : لا بد من سبع غسلات ، استدلوا بحديث ابن عمر وهو لا يصح : ( أمرنا بغسل الأنجاس سبعا ) وهو عين صحيح والصحيح عدم اشتراط العدد ، وإنما الطهارة تكون بزوال عين النجاسة إذا بقي لون النجاسة كاحمرار الدم مثلا على الثوب بعد غسله لا يؤثر وإنما يكون طاهرا ودليل ذلك : أن الماء إذا انفصل يكون غير متلوث بالنجاسة دل ذلك على أن النجاسة زالت واللون لا يضر . سؤال بماذا تطهر النجاسة ؟ الجواب : اختلف العلماء في هذه المسالة : 1. لا بد من الماء ولو أزيلت بغيره لا تطهر وعللوا ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الماء بالطهور ، وقال في نجاسة ال*** : أغسلوه سبعا وعفروه الثامنة بالتراب ، وأولاهن بالتراب . دل هذا على تعين الماء . وقال بعض العلماء : إن الماء يتعين لأن النجاسة عين خبيثة منى عدمت زال حكمها ومتى وجدت ثبت حكمها والنجاسة الغير محسوسة يتعين فيه الماء وإذا كانت النجاسة محسوسة المطلوب زوالها بأي شيء كان وهو الراجح . سؤال هل تطهر الأرض بطول مكثها ؟ الجواب : فيه خلاف بين العلماء : (أ) على الرأي الثاني تطهر النجاسة بغير الماء يقول إن الأرض تطهر بطول مكثها لأن النجاسة زالت فلا داعي للغسل لأن المقصود من تطهير النجاسة وهو هو زوال عينها وذلك يكون بأي شيء مثلا لو نزل المطر على النجاسة وهي في مكان فأزالها طهر محلها اتفاقا بين العلماء ولو لم يكن بنية إزالتها كذلك تزول النجاسة بغير الماء . (ب) عارض أصحاب الرأي الأول : واستدلوا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صب ماء على بول الأعرابي الذي بال في المسجد وأجابهم أصحاب الرأي الأول بما يلي : أن المسجد محل الصلاة ويحتاج إلى المبادرة بتطهيره والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بصب الماء ليطهر في الحال لأنه لو لم يرق الماء عليه بقي بعد ذلك فترة ولأنه محل عبادة فلا يجوز أن تبقي فيه النجاسة لمدة يوم أو كثر حتى تطهرها الشمس أو غيرها من العوامل . |
جعلاني متميز
غير متواجد
|
باب الحيض والنفاس
معنى الحيض وحكمته : الحيض لغة : سيلان الشيء وجريانه . وفي الشرع : دم يحدث للأنتى بمقتضى الطبيعة بدون سبب في أوقات معلومة . فهو طبيعي ليس له سبب من مرض أو جرح أو سقوط أو ولادة وبما أنه دم طبيعي فإنه يختلف بحسب حال الأنثى وبيئتها وجوها ، ولذلك يختلف فيه النساء اختلافا متباينا ظاهرا . والحكمة فيه : أنه لما كان الجنين في بطن أمه لا يمكن أن يتغذى بما يتغذى به من كان خارج البطن ولا يمكن لأرحم الخلق به أن يوصل إليه شيئا من الغذاء حينئذ جعل الله تعالى في الأنتى إفرازات دموية يتغذى بها الجنين في بطن أمه بدون حاجة إلى أكل وهضم تنفذ إلى جسمه عن طريق السرة حيث يتحلل الدم عروقه فيتغذى به فتبارك الله أحسن الخالقين ، فهذه هي الحكمة في هذا الحيض ولذلك إذا حملت المرأة انقطع الحيض عنها فلا تحيض إلا نادرا وكذلك المراضع يقل من تحيض منهن ، لا سيما في أول زمن الإرضاع . زمن الحيض ومدته الكلام في هذا الفصل في مقامين : المقام الأول – في السن الذي يأتي فيه الحيض . المقام الثاني – في مدة الحيض . المقام الأول – فالسن الذي يغلب فيه الحيض : هو ما بين أثنتي عشرة سنة إلى خمسين سنة ، وربما حاضت الأنثى قبل ذلك أو بعده بحسب حالها وبيئتها وجوها . وقد اختلف العلماء رحمهم الله : هل للسن الذي يأتي فيه الحيض حد معين بحيث لا تحيض الأنثى قبله ولا بعده ، وأن ما يأتيها قبله أو بعده فهو دم فساد لا حيض ؟ اختلف العلماء في ذلك . قال الدارمي بعد أن ذكر الاختلافات : كل هذا عندي خطأ لأن المرجع في جميع ذلك إلى الوجود فأي قدر وجد في أي حال وسن وجب جعله حيضا – والله أعلم . وهذا الذي قاله الدارمي هو الصواب ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية فمتى رأت الأنثى فهي حائض ، وإن كانت دون تسع سنين أو فوق خمسين ، وذلك لأن أحكام الحيض علقها الله ورسوله على وجود الذي ولم يحدد الله ورسوله لذلك سنا معينا ، فوجب الرجوع فيه على الوجود الذي علقت الأحكام عليه وتحديده بسن معين يحتاج إلى دليل من الكتاب أو السنة ، ولا دليل في ذلك . المقام الثاني : وهو مدة الحيض أي مقدار رمنه . فقد اختلف فيه العلماء اختلافا كثيرا على نحو ستة أقوال أو سبعة . قال ابن المنذر : وقالت طائفة : ليس لأقل الحيض ولا لأكثره حد بالأيام . قلت : وهذا القول كقول الدارمي السابق ، وهو اختيار شيخ الإسلام أبن تيمية وهو الصواب لأنه يدل عليه الكتاب السنة والاعتبار . فالدليل الأول – قوله تعالى : ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ) فجعل الله غاية المنع هي الطهر ، ولم يجعل الغاية مضى يوم وليلة ولا ثلاثة أيام ولا خمسة عشر يوما ، فدل هذا على أن علة الحكم هي الحيض وجودا وعدما فمتى وجد الحيض ثبت الحكم ومتى طهرت منه زالت أحكامه . الدليل الثاني – ما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لعائشة وقد حاضت وهي محرمة بالعمرة : افعلي ما يفعل الحاج غيران لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) قالت : فلما كان يوم النحر طهرت .. الحديث . وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : انتظري فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم ) فجعل النبي صلى الله عليه وسلم غاية المنع الطهر ، ولم يجعل الغاية زمنا معينا فدل هذا على أن الحكم يتعلق بالحيض وجودا وعدما . الدليل الثالث – أن هذه التقديرات والتفصيلات التي ذكرها من الفقهاء في هذه المسالة ليست موجودة في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن الحاجة بل الضرورة داعية إلى بيانها ، فلو كانت مما يجب على العباد فهمه والتعبد لله به لبينها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بيانا ظاهرا لكل أحد لأهمية الأحكام المترتبة على ذلك من الصلاة والصيام والنكاح والطلاق والإرث وغيرها من الأحكام .. كما بين الله ورسوله عدد الصلوات وأوقاتها وركوعها وسجودها ، والزكاة : أموالها وأنصباءها ومقدارها ومصرفها ، والصيام : مدته وزمنه والحج وما دون ذلك .. حتى آداب الأكل والشراب والنوم والجماع والجلوس ودخول البيت والخروج منه وآداب قضاء الحاجة حتى عدد مسحات الاستجمار إلى غير ذلك من دقيق الأمور وجليلها مما أكمل الله به الدين وأتم به النعمة على المؤمنين كما قال تعالى ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ) وقال تعالى ( ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يدية وتفصيل كل شيء ) فلما لم توجد هذه التقديرات والتفصيلات في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن لا تعويل عليها ، وإنما التعويل على مسمى الحيض الذي علقت عليه الأحكام الشرعية وجودا وعدما ، وهذا الدليل – أعني أن عدم ذكر الحكم في الكتاب والسنة – دليل على عدم اعتباره ينفعك في هذه المسالة وغيرها من مسائل العلم ، فإن الأحكام الشرعية لا تثيب إلا بدليل من الشرع كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو إجماع معلوم أو قياس صحيح . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في قاعدة له : ومن ذلك اسم الحيض علق الله به أحكاما متعددة في الكتاب والسنة ولم يقدر لا اقله ولا أكثره ولا الطهر بين الحيضتين مع عموم بلوى الأمة بذلك واحتياجهم إلية واللغة لا تفرق بين قدر وقدر فمن قدر في ذلك حدا فقد خالف الكتاب والسنة ) انتهى كلامه . الدليل الرابع – الاعتبار : أي القياس الصحيح المطرد وذلك أن الله تعالى علل الحيض بكونه أذى فمتى وجد الحيض فالأذى موجود لا فرق بين اليوم الثاني واليوم الأول ، ولا بين الرابع والثالث ، ولا فرق بين اليوم السادس عشر والخامس عشر ، ولا بين الثامن عشر والسابع عشر ، فالحيض هو الحيض والأذى هو الأذى . فالعلة موجودة في اليومين على حد سواء فكيف يصح التفريق في الحكم بين اليومين مع تساويهما في العلة ؟ أليس هذا خلاف القياس الصحيح ؟ وليس القياس الصحيح تساوي اليومين في الحكم تساويهما في العلة ؟ الدليل الخامس – اختلاف أقوال المحددين واضطرابها ، فإن ذلك يدل على أن ليس في المسألة دليل يجب المصير إلية ، وإنما هي أحكام اجتهادية معرضة للخطأ والصواب .. ليس أحدها أولى بالإتباع من الآخر ، والمرجع عند النزاع إلى الكتاب والسنة . فإذا تبين قوة القول إنه لا حد لأقل الحيض ولا لأكثره وإنه القول الراجح ، فاعلم أن كل ما رأيه المرأة من دم طبيعي ليس له سبب من جرح ونحوه فهو دم الحيض من غير تقدير بزمن أو سن إلا أن يكون مستمرا على المرأة لا ينقطع أبدا أو ينقطع من غير تقدير بزمن او سن غلا أن يكون مستمرا على المرأة لا ينقطع أبدا أو ينقطع مدة يسيرة كاليوم واليومين في الشهر ، فيكون استحاضة وسيأتي – إن شاء الله تعالى – بيان الا ستحاضة وأحكامها . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( والأصل في كل ما يخرج من الرحم انه حيض حتى يقوم دليل على انه استحاضة ) وقال أيضا : فما وقع من دم فهو حيض إذا لم يعلم أنه دم عرق أو جرح . وهذا القول كما أنه هو الراجح من حيث الدليل فهو أيضا اقرب فهما وإدراكا وأيسر عملا وتطبيقا مما ذكره المحددون وما كان كذلك فهو أولى بالقبول لموافقته لروح الدين الإسلامي وقاعدته وهي اليسر والسهولة قال الله تعالى : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) وقال صلى الله عليه وسلم : إن الدين يسر ولن يشاد الدين احد إلا غليه فسددوا وقاربوا وأبشروا ) رواه البخاري وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم انه ما خير بين أمرين إلا اختيار أيسرهما ما لم يكن إثما . |
جعلاني متميز
غير متواجد
|
حيض الحامل
الغالب الكثير الأنثى إذا حملت أنقطع الدم عنها ، قال الإمام أحمد – رحمه الله : إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الدم إذا رأت الحامل الدم فإن كان قبل الوضع بزمن يسير كاليومين أو الثلاثة ومعه طلق فهو نفاس وإن كان قبل لكن هل يكون حيضا تثبيت له أحكام الحيض أو يكون فساد لا يحكم له بأحكام الحيض ؟ في هذه خلاف بين أهل العلم : والصواب أنه حيض إذا كان على الوجه المعتاد في حيضها لأن الأصل فيما يصيب المرأة من الدم أنه حيض إذا لم يكن له سبب يمنع من كونه حيضا وليس في الكتاب والسنة ما يمنع حيض الحامل . وهذا هو مذهب مالك والشافعي واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، قال في ( الاختيارات ) وحكاه البيهقي رواية عن أحمد بل حكى أنه رجع إليه . وعلى هذا فيثبت لحيض الحامل ما يثبت لحيض غير الحامل إلا في مسألتين : المسألة الأولى – الطلاق فيحرم طلاق من تلزمها عدة حال الحيض في غير الحامل ولا يحرم في الحامل لأن الطلاق في الحيض في غير الحامل حائضا مخالف لقوله تعالى : (فطلقوهن لعدتهن ) أما طلاق الحامل حال الحيض فلا يخالفه لأن من طلق الحامل فقد طلقها لعدتها سواء كانت حائضا أم طاهرا لأن عدتها بالحمل ولذلك لا يحرم عليه طلاقها بعد الجماع بخلاف غيرها . أم لأن عدتها بالحمل ولذلك لا يحرم عليه طلاقها بعد الجماع بخلاف غيرها . المسألة الثانية – عدة الحامل : لا تنقضي إلا بوضع الحمل سواء كانت تحيض أم لا لقوله تعالى : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) الطوارئ على الحيض الطوارئ على الحيض أنواع : النوع الأول – زيادة أو نقص مثل أن تكون عادة المرأة ستة أيام فيستمر بها الدم إلى سبعة أو تكون عادتها سبعة أيام فتطهر لستة . النوع الثاني – تقدم أو تأخر مثل أن تكون عادتها في آخر الشهر فترى الحيض في أوله أو تكون عادتها في أول الشهر فتراه في آخره وقد اختلف أهل العلم في حكم هذين النوعين ، والصواب أنها متى رأت الدم فهي حائض ومتى طهرت منه فهي طاهر سواء زادت عن عادتها أم نقصت وسواء تقدمت أم تأخرت وسبق ذكر الدليل على ذلك في الفصل الذي قبله ، حيث علق الشارع أحكام الحيض بوحوده وهذا مذهب الشافعي واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقواه صاحب المغني فيه ونصره وقال ( لو كانت العادة معتبرة على الوجه المذكور في المذهب لبينه صلى الله عليه وسلم لأمته ولما وسعه تأخير بيانه إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقته وأزواجه وغيرهن من النساء يحتجن إلى بيان ذلك في كل وقت فلم يكن ليغفل بيانه وما جاء عنه صلى الله عليه وسلم ذكر العادة ولا بيانها إلا في حق المستحاضة لا غير ) النوع الثالث – صفرة أو كدرة بحيث ترى الدم أصغر كماء الجروح أو متكدرا بين الصفرة والسواد فهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلا به قبل الطهر فهو حيض تثبت له أحكام الحيض وإن كان بعد الطهر فليس بحيض لقول أم عطية رضى الله عنها : كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا . رواه أبو داود بسند صحيح ورواه أيضا البخاري بدون قولها ( بعد الطهر ) لكنه ترجم له بقوله باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض قال في شرحه ( فتح الباري ) يشير بذلك إلى الجمع بين حديث عائشة المتقدم في قولها متى ترين القصة البيضاء وبين حديث أم عطية المذكور في الباب بأن ذلك – أي حديث عائشة – محمول على ما إذا رأت الصفرة والكدرة في أيام الحيض وأما في غيرها فعلى ما قالت أو عطية . وحديث عائشة الذي أشار إليه هو ما علقة البخاري جازما به قبل هذه الباب أن النساء كن يبعثن إليها بالدرجة ( شيء تحتمي به المرأة لتعرف هل بقي من أثر الحيض شيء ) فيها الكرسف ( القطن ) فيه الصفرة فتقول : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ) والقصة البيضاء ماء أبيض يدفعه الرحم عند أنقطاع الحيض . النوع الرابع – تقطع في الحيض بحيث ترى يوما دما ، ويما نقاء ونحو ذلك فهذان حالان : الحال الأول – أن يكون هذا مع الأنثى بل يأتيها بعض الوقت ويكون لها وقت طهر صحيح فقد اختلف العلماء – رحمهم الله – في هذا النقاء هل يكون طهرا أو ينسحب عليه أحكام الحيض ؟ فمذهب الشافعي في أصح قوليه أنه ينسحب عليه أحكام الحيض فيكون حيضا وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وصاحب ( الفائق ) ومذهب أبي حنيفة وذلك لأن القصة البيضاء لا ترى فيه ولأنه لو جعل طهرا لكان ما قبله حيضة وما بعده ولا قائل به وإلا لانقضت العدة بالقرء بخمسة أيام ، ولأنه لو جعل طهرا لحصل به حرج ومشقة بالاغتسال وغيره كل يومين والحرج منتف في هذه الشريعة ولله الحمد والمشهور من مذهب الحنابلة أن الدم حيض والنقاء طهر إلا أن يتجاوز مجموعهما أكثر الحيض فيكون الدم المتجاوز استحاضة . وقال في ( المغني ) يتوجه أن انقطاع الدم متى نقص عن اليوم فليس بطهر بناء على الرواية التي حكيناها في النفاس أنها لا تلتفت إلى ما دون اليوم وهو الصحيح إن شاء الله لأن الدم يجري مرة وينقطع أخرى وفي إيجاب الغسل على من تطهر ساعة بعد ساعة حرج لقوله تعالى : ( ووما جعل عليكم في الدين من حرج ) قال فعلى هذا لا يكون انقطاع الدم أقل من يوم طهرا إلا أن ترى ما يدل عليه مثل أن يكون انقطاع في آخر عادتها أو ترى القصة البيضاء فيكون قول صاحب المغني هذا وسطا بين القولين – والله أعلم بالصواب . النوع الخامس – جفاف في الدم بحيث ترى المرأة مجرد رطوبة فهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلا به قبل الطهر فهذا حيض وإن كان بعد الطهر فليس بحيض لأن غاية حاله أن يحلق بالصفرة والكدرة وهذا حكمها . |
انواع عرض الموضوع |
العرض العادي |
الانتقال إلى العرض المتطور |
الانتقال إلى العرض الشجري |
|
|