منتديات جعلان > جعلان العامة > جعلان للمواضيع الاسلامية | ||
((( يسر الاسلام وسماحته ))) |
الملاحظات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
جعلاني ذهبي
غير متواجد
|
أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الطلاق - باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية – (ص/592-593) – حديث رقم (1478) .
رسول الله أعلينا حرج في كذا ؟ فقال رسول الله : ( لا أيها الناس إن دين الله عز وجل في يسر ) ثلاثا يقولها وقال يزيد مرة (1) . ثانيا : الأحاديث الواردة في بيان أن أحب خصال الدين إلى الله تعالى ما كان سمحا سهلا : 1- عن ابن عباس : سئل رسول الله : أي الأديان أحب إلى الله ؟ قال : (الحنيفية السمحة ) (2) . 2- عن أبي قتادة ، عن الأعرابي الذي سمع رسول الله يقول : ( إن خير دينكم أيسره إن خير دينكم أيسره ) (3) . 3- عن ابن الأدرع قال : كنت أحرس النبي ذات ليلة ، فخرج لبعض حاجته . قال : فرآني فأخذ بيدي ، فانطلقنا فمررنا على رجل يصلي يجهر بالقرآن . فقال النبي : ( عسى أن يكون مرائيا ) قال : قلت : يا رسول الله يصلي يجهر بالقرآن . قال : فرفض يدي . ثم قال : ( إنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمغالبة ) . قال : ثم خرج ذات ليلة وأنا أحرسه لبعض حاجته فأخذ بيدي فمررنا على رجل يصلي بالقرآن . قال : فقلت : عسى أن يكون مرائيا . فقال النبي : ( كلا إنه أواب ) . قال : فنظرت فإذا هو عبد الله ذو النجادين (4) . 4- عن محجن بن الأدرع السلمي قال : بعثني رسول الله إلى حاجز يمين المدينة في حاجة ، فلما رجعت ذهبت معه حتى صعد أحدا فأشرف على المدينة فقال : (ويل أمك قرية يدعك أهلك وأنت خير ما يكون ) ثم نزل (1) أخرجه أحمد في مسنده – مسند الكوفيين – (15/282) – حديث رقم (20547) . قال ( حمزة الزين ) : " إسناده حسن " . (2) أخرجه أحمد في مسنده – مسند عبد الله بن العباس – (2/522) – حديث رقم (2107) . قال ( أحمد شاكر ) : " إسناده صحيح " . (3) أخرجه أحمد في مسنده – مسند المكيين – (12/379-380) – حديث رقم (15879) . قال (حمزة الزين): " إسناده حسن " . (4) أخرجه أحمد في مسنده – مسند الكوفيين – (14/338) – حديث رقم (18873) . قال ( حمزة الزين ) : " إسناده صحيح " . من دون زيادة (وخير دينكم اليسرة ) إلا أني وجدت الحديث في صحيح الجامع للألباني – (1/458) – حديث رقم (2311) . قال عنه الشيخ : " حسن " . ونزلت معه حتى أتينا بباب المسجد فرأى رجلا يصلي ، فوضع يده على منكبي فأناره بضوئه ، فقال : ( أيقوله صادقا ) ؟ قالها ثلاثا . قلت : يـا رسـول الله هذا وهذا أعبد أهـل المدينة . فقال رسول الله : ( اتق لا تسمعه فتهلكه ) قالها ثلاثا . ثم قال رسول الله : ( إن الله تعالى رضي لهذه الأمة اليسر وكره لها العسر قالها ثلاثا ) (1) . 5- عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " ما خير رسول الله بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما ، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه ، وما انتقم رسول الله لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم بها لله " (2) . ثالثا : الأحاديث الواردة في أمر النبي أصحابه بالتيسير والأخذ به : 1- عن أنس عن النبي قال : ( يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا) (3). 2- عن أبي موسى قال : كان رسول الله إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال : ( بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا ) (4) . 3- عن أنس بن مالك قال : قال النبي : ( يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا ) (5) . (1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير – حديث محجن بن الأدرع – (20/298) – حديث رقم (707) . وصححه الألباني في صحيح الجامع – (1/364) – حديث رقم (1769) . (2) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب المناقب – باب صفة النبي - (ص/645) – حديث رقم (3560) . وفي كتاب الأدب – باب قول النبي ( يسروا ولا تعسروا ) – (ص/1142) – حديث رقم (6126) . وفي كتاب الحدود – باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله – (ص/1253) – حديث رقم (6786) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الفضائل – باب مباعدته للآثام ، واختياره من المباح أسهله ، وانتقامه لله عند انتهاك حرماته – (ص/950) – حديث رقم (2327) . (3) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب العلم - باب ما كان النبي يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا – (ص/22) – حديث رقم (69) .
|
جعلاني ذهبي
غير متواجد
|
) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الجهاد والسير – باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير - (ص/721) – حديث رقم (1732)
(5) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الأدب – باب قول النبي : ( يسروا ولا تعسروا ) – (ص/1142) – حديث رقم (6125) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الجهاد والسير – باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير - (ص/721) – حديث رقم (1734) . 4- عن أبي بردة قال : بعث رسول الله أبا موسى ومعاذ بن جبل إلى اليمن . قال : وبعث كل واحد منهما على مخلاف. قال : واليمن مخلافان. ثم قال : ( يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا ) (1) . 5- عن سعيد بن أبي بردة ، عن أبيه قال : بعث النبي جده أبا موسى ومعاذا إلى اليمن فقال : ( يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ) (2). 6- عن سعيد بن أبي بردة ، عن أبيه ، عن جده : أن النبي بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن قال : ( يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا ) (3) . (1) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب المغازي - باب بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع – (ص/785) – حديث رقم (4341) و (4342) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الجهاد والسير – باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير - (ص/721) – حديث رقم (1733) . (2) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب المغازي - باب بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع – (ص/786) – حديث رقم (4344) و (4345) . وفي كتاب الأدب – باب قول النبي ( يسروا ولا تعسروا ) – (ص/1142) – حديث رقم (6124) . وفي كتاب الأحكام – باب أمر الولي إذا وجه أميرين إلى موضع:أن يتطاوعا ولا يتعاصيا – (ص/1324) – حديث رقم (7172). وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الجهاد والسير – باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير - (ص/721) – حديث رقم (1733) (3) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الجهاد والسير- باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب ، وعقوبة من عصى إمامه – (ص/545) – حديث رقم (3038) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الجهاد والسير – باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير - (ص/721) – حديث رقم (1733) . المبحث الثالث : الآثار وأقوال العلماء الواردة في اليسر: 1- قـال ابن مسعود : " إياكـم والتنطع ، إياكم والتعمق ، وعليكم بالعتيق " (1) . 2- عن أنس بن مالك قال : كنا عند عمر فسمعته يقول : " نهينا عن التكلف " (2) . 3- عن إبراهيم النخعي قال : " إذا تخالجك أمران فظن أن أحبهما إلى الله أيسره " (3) . 4- قال قتادة : " قال الله تعالى : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر فأريدوا لأنفسكم الذي أراد الله لكم " (4) . 5- قال ابن القيم : " جمع الله عز وجل في هذه الشريعة بين كونها حنيفية وكونها سمحة . فهي حنيفية في التوحيد ، سمحة في العمل " (5) . 6- قال ابن كثير : " إن النبي جاء بالتيسير والسماحة . وقد كانت الأمم التي قبلنا في شرائعهم ضيق عليهم فوسع الله على هذه الأمة أمورها وسهلها لهم " (6) . (1) جامع العلوم والحكم لابن رجب : (1/285) . (2) إغاثة اللهفان لابن القيم : (1/159) . (3) موسوعة نضرة النعيم : (4/1418) . (4) تفسير الطبري : (2/156) . (5) إغاثة اللهفان لابن القيم : (1/158) . (6) تفسير ابن كثير : (2/265)
|
جعلاني ذهبي
غير متواجد
|
الفصل الثاني
مجال التيسير العلمي في الشريعة الإسلامية مجالات التيسير وأبواب السماحة في الإسلام كثيرة ، وضروبها عديدة ، وطرائقها شتى ، يصعب استقصاؤها * في هذا البحث المتواضع ، لذا سأقسمها إلى نوعين قد تشمل أغلب الجوانب . يسر الشريعة على نوعين : 1- تيسير معرفة الشريعة والعلم بها وسهولة إدراك أحكامها ومراميها . 2- تيسير التكاليف الشرعية من حيث سهولة تنفيذها والعمل بها . المبحث الأول : تيسير العلم بالشريعة : اقتضت حكمة الله تعالى أن حمل هذه الشريعة الإسلامية - أول ما حملها - قوم أميون ، لم يكن لهم معرفة بكتب الأقدمين ولا بعلومهم ، من العلوم الكونية ، والمنطق ، والرياضيات ، وغيرها ، ولا من العلوم الدينية ، بل كانوا باقين قريبا من الفطرة . وأرسل الله إليهم رسولا أميا لم يكتب كتابا ، ولم يخطه بيمينه ، ولا عرف أن يقرأ شيئا مما كتبه الكاتبون . قال الله تعالى : هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (1) ، وقال : وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون (2) ثم إن الله عز وجل أراد أن تكون هذه الشريعة المباركة خاتمة الشرائع ، فهي لمن عاصر النبي ولمن بعده إلى يوم القيامة ، وهي عامة للبشر جميعا ، ليست للعرب وحدهم ، بل لهم ولمن عداهم من الأمم في مشارق الأرض ومغاربها، وفيهم القوي والضعيف ، والعالم والجاهل ، والقارئ والأمي ، والذكي والبليد . فاقتضت حكمته تعالى أن تكون تلك الشريعة العامة الخاتمة ميسورا فهمها وتعقلها والعلم بها لتسع الجميع ؛ إذ لو كان العلم بها * سماحة الإسلام : لسليم الهلالي : (ص/18) . (1) سورة الجمعة : 2 . (2) سورة العنكبوت : 48 . عسيرا ، أو متوقفا على وسائل علمية تدق على الأفهام لكان من العسير على جمهور المكلفين بها أخذها ومعرفتها أولا ، والامتثال لأوامرها ونواهيها ثانيا (1) . المبحث الثاني : تيسر القرآن الكريم * : جعل الله عز وجل القرآن ميسر التلاوة والفهم على الجمهور ، قال الله تعالـى : فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين (2) وقال : ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (3) . ومن تيسيره أن الله تعالى أنزله على سبعة أحرف مراعاة لحال الناس من حيث القدرة على النطق . ويدل على ذلك حديث ابن عباس عن النبي أنه قال : ( أقرأني جبريل القرآن على حرف ، فراجعته ، فلم أزل أستزيده ، فيزيدني ، حتى انتهى إلى سبعة أحرف ) (4) . ويرجع تيسير القرآن إلى أربعة أوجه : الأول : أنه ميسر للتلاوة لسلاسته وخلوه من التعقيد اللفظي . الثاني : أنه ميسر للحفظ ، فيمكن حفظه ويسهل . قال الرازي : ولم يكن شيء من كتب الله تعالى يحفظ عن ظهر قلب غير القرآن . الثالث : سهولة الاتعاظ به لشدة تأثيره في القلوب ؛ ولاشتماله على القصص والحكم والأمثال ، وتصريف آياته على أوجه مختلفة ، كما قال الله تعالى : وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا (5) . (1) الموسوعة الفقهية : (14/214-215) . * انظر الموسوعة الفقهية : (14/215) بتصرف . (2) سورة مريم : 97 . (3) سورة القمر : 17 . (4) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب بدء الخلق – باب ذكر الملائكة صلوات الله عليهم – (ص/582) –حديث رقم (3219). وفي كتاب فضائل القرآن – باب أنزل القرآن على سبعة أحرف – (ص/956) – حديث رقم (4991) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب صلاة المسافرين وقصرها – باب بيلن أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه – (ص/318) – حديث رقم (819) . (5) سورة طه : 113 . الرابع : أنه جعله بحيث يعلق بالقلوب ، ويستلذ سماعه ، ولا يسأم من سماعه وفهمه ، ولا يقول سامعه : قد علمت وفهمت فلا أسمعه ، بل كل ساعة يجد منه لذة وعلما . وهذا التيسير في اللفظ والمعنى إنما هو في الغالب، وبالنسبة إلى جمهور الناس (1). وفي القرآن من الأسرار ، والمواعظ ، والعبر ، ما يدق عن فهم الجمهور ، ويتناول بعض الخواص منه شيئا فشيئا بحسب ما ييسره الله لهم ويلهمهم إياه ، يفتح على هذا بشيء لم يفتح به على الآخر ، وإذا عرض على الآخر أقره (2) . المبحث الثالث : التيسير في علم الأحكام الاعتقادية : التكاليف الاعتقادية في الإسلام ميسر تعقلها وفهمها،يشترك في فهمها الجمهور (3)، من كان منهم ثاقب الفهم أو بليدا ، فإنها لو كانت مما لا يدركه إلا الخواص لما كانت الشريعة عامة؛ ولذلك كانت المعاني المطلوب علمها واعتقادها سهلة المأخذ. فعرفت الشريعة الأمور الإلهية بما يسع الجمهور فهمه ، وحضت على النظر في المخلوقات ، والسير في الأرض ، والاعتبار بآثار الأمم السالفة ، وأحالت فيما يقع فيه الاشتباه من الأمور الإلهية إلى قاعدة عامة : ليس كمثله شيء (4) ، وسكتت عن أشياء لا تهتدي العقول إليها . ومما يدل على ذلك أيضا أن الصحابة رضي الله عنهم لم يبلغنا عنهم من الخوض في هذه الأمور ما يكون أصلا للباحثين ، والمتكلفين ، كما لم يأت ذلك عن النبي وكذلك التابعون المقتدى بهم لم يكونوا إلا على ما كان عليه الصحابة . وثبت النهي عن كثرة السؤال ، وعن تكلف ما لا يعني ، عاما في الاعتقاديات والعمليات (5) . (1) الموافقات للشاطبي مع تعليق الشيخ عبد الله دراز : (2/69) . (2) المصدر السابق : (2/86) . (3) الموسوعة الفقهية : (14/216) . (4) سورة الشورى : 11 . (5) الموافقات للشاطبي : (2/88-89) . المبحث الرابع : التيسير في علم الأحكام العملية : راعى الشارع الحكيم أمية المدعوين وتنوع أحوالهم في الفهم ، فجعل الأحكام العملية مما يسهل تعقلها وتعلمها وفهمها ، فمن ذلك أنه كلفهم بجلائل الأعمال العبادية ، وقرب المناط فيها بحيث يدركها الجمهور ، وجعله ظاهرا منضبطا (1) ، كتعريف أوقات الصلاة بالأمور المشاهدة لهم ، كتعريفها بالظلال وطلوع الفجر والشمس ، وغروبها وغروب الشفق ، وكذلك في الصيام في قوله تعالى : حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر (2) . وقال النبي : ( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا ) (3) وقال : ( لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ) (4) ولم يطالبنا بجعل ذلك مرتبطا بحساب مسير الشمس مع القمر في المنازل ؛ لما في ذلك من الدقة والخفاء (5) . ولا يعني ذلك خلو الشريعة مما يستقل الخاصة بإدراكه ، وهي الأمور الاجتهادية، التي تخفى على الجمهور ، غير أن عامة الأحكام التي يحتاجها المكلف ، وتقوم مقام الأسس من الدين ، ظاهرة لا تخفى على الجمهور ، وما سوى ذلك يحتاج في
|
جعلاني ذهبي
غير متواجد
|
تطلبه إلى بذل جهد ، إلا أنه يتيسر لأهل العلم الوصول إليه باتباع ما بينته الشريعة من طرق الاجتهاد (6) .
(1) الموسوعة الفقهية : (14/216) . (2) سورة البقرة : 187 . (3) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الصوم – باب قول النبي :(لا نكتب ولا نحسب) – (ص/333) – حديث رقم (1913) وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الصيام – باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال ، والفطر لرؤية الهلال ، وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين – (ص/419) – حديث رقم (1080) . (4) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الصوم – باب قول النبي : ( إذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ) – (ص/332) – حديث رقم (1906) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الصيام – (ص/418) – حديث رقم (1080) . (5) الموافقات للشاطبي : (2/90) . (6) الموسوعة الفقهية : (14/217) .
|
جعلاني ذهبي
غير متواجد
|
الفصل الثالث
مجال التيسير العملي ثانيا : يسر الأحكام الشرعية العملية : يسر الأحكام الشرعية العملية يتشعب إلى شعبتين * : 1- اليسر الأصلي : وهو اليسر في ما شرع من الأحكام من أصله ميسرا لا عنت فيه . 2- اليسر التخفيفي : وهو ما وضع في الأصل ميسرا ، غير أنه طرأ فيه الثقل بسبب ظروف استثنائية ، وأحوال تخص بعض المكلفين ، فيخفف الشرع عنهم من ذلك الحكم الأصلي . المبحث الأول : اليسر الأصلي : وفيه مطلبان : 1- الأحكام المخففة ابتداءً : 2- ما خفف عن هذه الأمة مما كلفت به الأمم السابقة . المطلب الأول : الأحكام المخففة ابتداءً : وهي الأحكام الأصلية التي شرعت مخففة بالدليل الأول . وهذا التخفيف يسري على جميع أحكام الشريعة ، من العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والجنايات وغيرها . فإن الشارع الحكيم الرحيم لا يقصد بالشريعة إيلام الناس وإعناتهم ، وهو لا يأمر بالمأمورات لما فيها من المشقات ، بل لما يترتب عليها من المصالح ، كما أنه لا ينهى عن المنهيات من أجل الحرمان من اللذة والمتعة ، بل لما فيها من المضرة ، وما من شك في أن الإسلام له موقف في كل شأن من شؤون المسلم سواء كان متعلقا بأمور الآخرة أم بأمور الدنيا (1) . * الموسوعة الفقهية : (14/217) . (1) رفع الحرج في الشريعة الإسلامية : صالح بن حميد : (ص/121) . والكلام في ذلك على أمرين : المسألة الأولى : التيسير في العبادات : الأصل في العبادات التوقيف ، فلا يتعبد الله إلا بما شرعه الله في كتابه وعلى لسان رسوله محمد . فإن العبادة حق خالص لله تعالى قد طلبه من عباده بمقتضى ربوبيته لهم . وكيفية العبادة وهيئتها والتقرب بها لا يكون إلا على الوجه الذي شرعه وأذن به ، قال تعالى : أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله (1) . وجانب اليسر في هذا القصر والتحديد ظاهر ، فإن العبادات تمثل مطلوبات شرعية . والمطلوب ثقيل على النفس ، فمن رحمة الله أنه لم يكله إلى المخلوقين وإلا لأدخل بعض المكلفين على أنفسهم العنت والمشقة كما هو ظاهر من طبائع الأمم ووجود المتشددين فيها ظنا منهم أن ذلك هو الطريق الصحيح لنيل رضى الله ، وتحقيق الفوز والسعادة ، وما علموا أن الحق في الاتباع ، وليس في الابتداع . وتشدد النصارى من أوضح الشواهد على ذلك . وقد أراد بعض الصحابة من هذه الأمة سلوك طريق التشدد والتعمق ولكن الرسول عليه السلام بين لهم أن ذلك رغبة عن سنة الإسلام .. فالإسلام في مجال العبادات محدود لا يقبل الزيادة (2) . ومن صور اليسر في العبادات : - الصلاة : وهي عمود الدين ، فهي لا تجب إلا خمس مرات في اليوم والليلة على كيفية خفيفة ميسرة . - الزكاة : وهي الركن الثالث من أركان الإسلام ، ولا تجب إلا في الأموال النامية وهي التي تنمو وتزيد كالتجارة ، أو ما في حكمها كالذهب والفضة وإن كان لا يزيد ، أما ما يستعمله الإنسان في بيته ، وفي مركوبه ، فقد قال النبي : ( ليس على المؤمن في عبده ولا فرسه صدقة ) (3) جميع (1) سورة الشورى : 21 . (2) انظر رفع الحرج لصالح بن حميد : (ص/123) . (3) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الزكاة – باب ليس على المسلم في فرسه صدقة – (ص/257) – حديث رقم (1463) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الزكاة – باب لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه – (ص/379) – حديث رقم (982) واللفظ له . أواني البيت وفرش البيت والسيارات وغيرها مما يستعمله الإنسان لخاصة نفسه ، فإنه ليس فيه زكاة . ثم إن الزكاة الواجبة يسيرة جدا، فإنها ربع العشر، وهذا أيضا يسير ، ثم إذا أديت الزكاة فإنها لن تنقص مالك ، كما قال النبي : ( ما نقصت صدقة من مال ) (1) بل تجعل فيه البركة وتنميه وتزكيه وتطهره (2) . - الصوم : وهو أيضا يسير ، فلا يجب سوى شهر واحد من بين شهور السنة للقادر المستطيع . - الحج : وهو أيضا ميسر ، لا يجب إلا مرة في العمر للقادر المستطيع ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا (3) ، وإلا سقط عنه . - ومن سماحة الإسلام ويسره توجيهه إلى المداومة على عمل الخير القليل ، دون الإفراط في العمل الكثير ، ثم الانقطاع عنه (4) : - عن عائشة قالت : قال رسول الله : ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ) (5) . - وعنها أيضا قالت : قال رسول الله : ( خذوا من الأعمال ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا ) (5) . - وعن أنس قال : قال رسول الله : ( ليصل أحدكم نشاطه ، وإذا فتر فليقعد ) (6) . وذلك أن النوافل شرعت للمحافظة على الفرائض ولتربية المسلم وتقوية صلته بالله عز وجل . وطلب المواظبة على بعض النوافل ليس المراد منه الإتيان بها على هيئة ثقيلة شاقة ، وإنما المداومة على هيئة (1) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب البر والصلة والآداب – باب استحباب العفو والتواضع – (ص/1042) – حديث رقم (2588) . (2) انظر شرح رياض الصالحين لابن عثيمين : (1/562) . (3) سورة آل عمران : 97 . (4) الأخلاق الإسلامية وأسسها : عبد الرحمن الميداني : (2/484-485) . (5) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب اللباس – باب الجلوس على الحصير ونحوه – (ص/1104) – حديث رقم (5861) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب صلاة المسافرين وقصرها – باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره – (ص/308) – حديث رقم (782) و (783) . (6) أخرجه البخاري في صحيحه – أبواب التهجد – باب ما يكره من التشدد في العبادة – (ص/200) – حديث رقم (1150) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب صلاة المسافرين وقصرها – باب أمر من نعس في صلاته ، أو استعجم عليه القرآن أو الذكر ، بأن يرقد أو يقعد حتى يذهب عنه ذلك – (ص/308) – حديث رقم (784) . لا تؤدي إلى الانقطاع (1) . ومن يسر الشريعة أمرها المكلفين بالتيسير على الآخرين ، ومن ذلك : - إعانة المسلمين ، قال النبي : ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) (2) . - تخفيف الإمام في الصلاة : وذلك في بعض أركان الصلاة ؛ مراعاة لأحوال الناس ، وتيسيرا لهم ، فقد أمر الأئمة بالتخفيف في الصلاة وعدم تطويل قراءتها ، وهو أمر استحباب ، وذلك لاختلاف أحوال المأمومين ؛ لأن فيهم الضعيف ، والمريض ، والعاجز . فلا يطول الإمام الصلاة لئلا يشق على من خلفه ، وذلك لحديث : ( إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف ، فإن فيهم الضعيف ، والسقيم ، والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه ، فليطول ما شاء ) (3) . وروى ابن مسعود " أن رجلا قال : والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان ، مما يطيل بنا ، فما رأيت رسول الله في موعظة أشد غضبا منه يومئذ، ثم قال : ( إن منكم منفرين ، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز ، فإن فيهم الضعيف ، والكبير ، وذا الحاجة ) " (4) . ونحوه حديث معاذ المعروف (5) . (1) انظر رفع الحرج لصالح بن حميد : (ص/125) . (2) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الذكر والدعاء – باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر – (ص/1082) – حديث رقم (2699) . (3) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الأذان – باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء – (ص/126) – حديث رقم (703) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الصلاة – باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام – (ص/195) – حديث رقم (467) . (4) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب العلم – باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره – (ص/26) – حديث رقم (90) . وفي كتاب الأذان – باب تخفيف الإمام في القيام ، وإتمام الركوع والسجود – (ص/125-126) – حديث رقم (702) . وفي باب من شكا إمامه إذا طوّل – حديث رقم (704) . وفي كتاب الأدب – باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله – (ص/1140) – حديث رقم (6110) . وفي كتاب الأحكام – باب هل يقضي الحاكم أو يفتي وهو غضبان – (ص/1320) – حديث رقم (466) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الصلاة - باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام – (ص/195) – حديث رقم (466) . (5) انظر : الموسوعة الفقهية : (14/242) . - مراعاة الإمام عدم التطويل في خطبة الجمعة : لما في الحديث ( إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة ) (1) . - تيسير الإمام ، والولاة ، والعمال ، على الرعية ، والرفق بهم : ينبغي لمن ولي أمر غيره من الناس بحيث ينفذ عليهم أمره ويلزمهم طاعته أن لا يشق عليهم فيما يكلفهم مشقة تغلبهم، وذلك ليمكنهم طاعته ومواصلة الامتثال له؛ ولئلا يخرجوا عن ذلك إلى المعصية فيضطر هو إلى استخدام العقوبة . وقد قال : ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ) (2) . وإذا كان في من تحت يده الضعيف والصغير والمرأة خصهم بمزيد من الرفق ، وقد كان النبي في مسير له ، فحدا الحادي ، فقال رسول الله : ( يا أنجشة ويحك بالقوارير ) (3) يعني النساء (4) . - تيسير المعلمين ، والدعاة على المدعوين ، والرفق بهم : يستحب لمن يتولى التعليم أو الدعوة أن يرفق بمن معه ، ويأخذهم باللين لا بالعنف . ولا يأتي بما ينفرهم عن الحق ، بل ينتقل بهم مما يعرفون إلى ما لا يعرفون ، بلطف ويسر ، ولا يشق عليهم . ويستأنس لذلك بقول موسى للخضر : هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا (5) ثم قال : لا (1) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الجمعة - باب تخفيف الصلاة والخطبة – (ص/335-336) – حديث رقم (869) . (2) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الإمارة- باب فضيلة الإمام العادل ، وعقوبة الجائر ، والحث على الرفق بالرعية ، والنهي عن إدخال المشقة عليهم – (ص/763) – حديث رقم (1828) . (3) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الأدب - باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء ، وما يكره منه – (ص/1147) – حديث رقم (6149) . وفي باب ما جاء في قول الرجل ويلك – (ص/1149) – حديث رقم (6161) . وفي باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفا – (ص/1155) – حديث رقم (6202) . وفي باب المعاريض مندوحة عن الكذب- (ص/1157) – حديث رقم (6209) و (6210) و (6211) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الفضائل – باب رحمة النبي بالنساء وأمر السواق مطاياهن بالرفق بهن– (ص/949-950) – حديث رقم (2323) . (4) الموسوعة الفقهية : (14/243) . (5) سورة الكهف : 66 . تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا (1) وقد أرسل النبي أبا موسى الأشعري ، ومعاذ بن جبل إلى اليمن ، وكان فيما أوصاهما به أن قال : ( بشرا ويسرا وعلما ولا تنفرا ) (2) . المسألة الثانية : التيسير في غير العبادات : ذكرنا أن الأصل في العبادات التوقيف فلا يتعبد الله إلا بما شرع وليس للعقل مدخل في ذلك ، فلا عبرة بما استحسنته العقول مجردا عن الشرع ، فالعبادة محض حق الله سبحانه وتعالى ، أما غير العبادات من الأشياء والعادات والمعاملات فهي على أصل الإباحة ينظر فيها إلى حصول المنافع كما ينظر إلى العلل والبواعث فهي معللة بمصالح الناس ومنافعهم وإقامة العدل بينهم ودفع الفساد عنهم ، فلا يقتصر فيه على النص بل يتعدى الحكم إلى كل ما تحقق فيه العلة (3) . ومن صور ذلك : - السماحة في البيع والشراء والقضاء : قال تعالى : ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم (4) ،وقال جل جلاله: ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين (5) . وقال : ( غفر الله لرجل ممن كان قبلكم كان سهلاً إذا باع سهلاً إذا اشترى سهلاً إذا قضى ) (6) . وقال : ( إن الله يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء ) (7). وهذا يدل على المساهلة في المعاملة، (1) سورة الكهف : 73 . (2) أخرجه البيهقي في سننه – كتاب الأشربة – باب الدليل على أن الطبخ لا يخرج هذه الأشربة – (8/510) – حديث رقم (17377) . انظر : الموسوعة الفقهية : (14/244) . (3) رفع الحرج : صالح بن حميد : (ص/129) . (4) سورة هود : 85 . (5) سورة المطففين : 1-6 . (6) أخرجه الترمذي في جامعه – كتاب البيوع عن رسول الله - باب ما جاء في سمح البيع والشراء والقضاء – (ص/312) – حديث رقم (1320) .وصححه الألباني في صحيح الجامع – (2/764) – حديث رقم (4162) . (7) أخرجه الترمذي في جامعه – كتاب البيوع عن رسول الله - باب ما جاء في سمح البيع والشراء والقضاء – (ص/312) – حديث رقم (1319) .وصححه الألباني في صحيح الجامع – (1/384) – حديث رقم (1888) .
|
جعلاني ذهبي
غير متواجد
|
وترك المشاحة ، وعدم المطل (1) .
- السماحة في الدين والاقتضاء : قال جل جلاله : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة (2) وقد حث الشارع على إنظار المعسر ، وجعل لذلك خصائص عظيمة ، منها : أنه من مكفرات الذنوب ، وسبب في تجاوز الله عن السيئات . قال : ( كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه ) (3) . ومن حسن الاقتضاء : التسامح في التقاضي ، وقبول ما فيه من نقص يسير ، وطلبه بسهولة ، وعدم إلحاف ، وترك التضييق على الناس ، وأخذ العفو منهم لعل الله يرحمنا (4) . قال : ( رحم الله رجلا سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى ) (5) . - التيسير في الحقوق المالية : المهر والنفقة : أرشد الله تعالى إلى تسهيل أمر التزويج ولو كان الخاطب فقيرا ، إن كان صالحا ، فقال تعالى : وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله (6) وقال النبي : ( إن من يمن المرأة تيسير خطبتها ، وتيسير صداقها ) (7) وقال عمر بن الخطاب : " لا تغالوا في صداق النساء ، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها رسول الله " فتقليل الصداق سنة (8) . (1) انظر سماحة الإسلام لسليم الهلالي : (ص/19) . (2) سورة البقرة : 228 . (3) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب البيوع – باب من أنظر معسرا – (ص/362) – حديث رقم (2078) . وفي كتاب الأنبياء – باب حديث الغار – (ص/634) – حديث رقم (3480) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب المساقاة – باب فضل إنظار المعسر – (ص/639) – حديث رقم (1562) . (4) انظر سماحة الإسلام لسليم الهلالي : (ص/20-21) . (5) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب البيوع – باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع ، ومن طلب حقا فليطلبه في عفاف – (ص/361) – حديث رقم (2076) . (6) سورة النور : 32 . (7) أخرجه الحاكم في المستدرك – كتاب النكاح – باب صداق النبي - (2/536) – حديث رقم (2793) . وحسنه الألباني في صحيح الجامع – (1/444) – حديث رقم (2235) . (8) انظر : الموسوعة الفقهية : (14/245-246) . - التيسير على الأجراء : ينبغي التخفيف عن العمال في أوقات الأكل ، والشرب ، والصلاة ، وقضاء الحاجات ؛ لأنها مستثنى شرعا عن وقت العمل ؛ لمسيس الحاجة إليها ، وكذا من استؤجر سنة ، أو شهرا ، أو جمعة ، خرجت هذه الأوقات عن الاستحقاق ، فإن ذلك لو منع لأدى إلى ضرر عظيم ، فلذا خفف عن الأجراء. ولا يجوز لرب العمل تكليف الأجير عملا لا يطيقه ، وهو ما يحصل له به ضرر لا يحتمل عادة . ولقول النبي في الرقيق : ( لا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم ) (1) . - اليسر والسماحة في التوبة والكفارات : أما التوبة فالكلام عنها سيأتي فيما بعد في موضوع ( ما خفف عن هذه الأمة مما كلفت به الأمم السابقة ) . وأما الكفارات فإذا رجعنا إلى أصل معنى الكفارة نجد أنها مأخوذة من ( الكفر ) وهو في اللغة الستر والغطاء . ومعناها الشرعي مأخوذ من المعنى اللغوي ، فهي شرعت لمحو الذنوب وسترها ، فإذا أتى المسلم بمكفرات الذنوب فإنها تزيل الآثار المترتبة على الذنب . فالكفارات جوابر للناس عن عذاب الآخرة . وهي على ثلاثة أنواع * : 1- ما يصيب المسلم من البلايا والمحن والمصائب ، في نفسه أو ماله أو ولده ، أو غير ذلك من مصائب الحياة ، وتكون الكفارات هنا جبراً للنقص والتقصير في العبادات : ومن أمثلته : - عن عائشة زوج النبي قالت : قال رسول الله : ( ما من مصيبة (1) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الإيمان – باب المعاصي من أمر الجاهلية ولا يُكَفَّر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك – (ص/13) – حديث رقم (30) . وفي كتاب العتق – باب قول النبي ( العبيد إخوانكم فأطعموهم مما تأكلون ) – (ص/447) – حديث رقم (2545) . وفي كتاب الأدب – باب ما ينهى عن السباب واللعن – (ص/1130) – حديث رقم (6050) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الإيمان – باب إطعام المملوك مما يأكل ، وإلباسه مما يلبس ، ولا يكلفه ما يغلبه – (ص/684) – حديث رقم (1661) . * انظر : رفع الحرج لصالح بن حميد : (ص/155) وما بعده . تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها ) (1) . - عن أبي سعيد ، وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله يقول : ( ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته ) (2) . 2- ما يقوم به المسلم من الفرائض والتطوعات ، ويكاد يشمل جميع أنواع العبادات من طهارة ، وصلاة ، وصيام ، وصدقات ، وحج ، وجهاد ، ونحوها ..، فجعل الشارع الصالحات والحسنات ماحية للخطيئات والسيئات : وهي كثيرة ، منها : - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : ( من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة ) (3) . - عن أبي هريرة أن رسول الله قال : ( الصلاة الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر ) (4) . - عن أبي قتادة الأنصاري : أن رسول الله سئل عن صوم يوم عرفة فقال : ( يكفر السنة الماضية والباقية ) . قال : وسئل عن صوم يوم عاشوراء . فقال : ( يكفر السنة الماضية ) (5) . - عن أبي هريرة أن رسول الله قال : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما (1)أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب المرضى والطب– باب ما جاء في كفارة المرض– (ص/1068) – حديث رقم (5640) وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب البر والصلة والآداب – باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها – (ص/1038) – حديث رقم (2572) . (2) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب المرضى والطب– باب ما جاء في كفارة المرض– (ص/1068) – حديث رقم (5641) و (5642) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب البر والصلة والآداب – باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها – (ص/1038-1039) – حديث رقم (2573) . واللفظ له . (3) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب المساجد - باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات – (ص/263) – حديث رقم (666) . (4) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الطهارة - باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر – (ص/122) – حديث رقم (233) . (5) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الصيام - باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والإثنين والخميس – (ص/451) – حديث رقم (1162) . بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) (1) . 3- كفارات خاصة : ويقصد بها الكفارات التي طلبها الشارع عند ارتكاب آثام معينة ، وذلك ككفارة الظهار ، والقتل ، واليمين ، قال تعالى : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم ... الآية (2) . فهي عقوبات مقدرة على معاصٍ ارتكبها الإنسان . وهي تتفق مع النوع السابق في أنها تمحو آثار هذه المعاصي حسب ما شرعت لأجله . ووجه اليسر فيها تعجيل العقوبة في الدنيا بدلا عن عقوبة وعذاب الآخرة . فالكفارات هنا قد جعلت مخرجا للمكلف مما وقع فيه من مخالفات بسبب النوازع البشرية الضعيفة (3) . وفي هذا كله دلالة واضحة على سماحة الدين ويسره ، وفتح باب الأمل للعاصي ليكفر عن ذنبه ، ويبدأ عهدا جديدا مع ربه ، ونفسه ، ومجتمعه . المطلب الثاني : ما خفف عن هذه الأمة مما كلفت به الأمم السابقة : والكلام فيه على أمران : المسألة الأولى : ما خفف عن هذه الأمة مما كلفت به الأمم السابقة : امتن الله على هذه الأمة في الكتاب العزيز بأن وضع عنها الإصر والأغلال التي كانت على من قبلها ولم يحملها ما حمل من قبلها ، فكان ذلك مظهرا من مظاهر التخفيف عن هذه الأمة (4) . الأمور التي خفف الله تعالى فيها عن أمة محمد : - أن من قبلنا من الأمم إنما أبيحت لهم الصلوات في أماكن مخصوصة كالبيع والصوامع ، بخلاف هذه الأمة فأبيح لها في جميع الأرض إلا فيما تيقنوا (1) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب العمرة - باب وجوب العمرة وفضلها – (ص/309) – حديث رقم (1773) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب العمرة - باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة – (ص/533) – حديث رقم (1349) . (2) سورة المائدة : 89 . (3) انظر : رفع الحرج لصالح بن حميد : (ص/162-163) . بتصرف . (4) رفع الحرج لصالح بن حميد : (ص/189) .
|
جعلاني ذهبي
غير متواجد
|
- نجاسته (1) ، لحديث النبي : ( أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي ...) وذكر منها ( وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ... ) الحديث (2) .
- كانت الغنائم لمن تقدم على ضربين : منهم من لم يؤذن له في الجهاد فلم تكن لهم مغانم ، ومنهم من أذن له فيه لكن كانوا إذا غنموا شيئا لم يحل لهم أن يأكلوه وجاءت نار فأحرقته (3) . أما هذه الأمة فقد خفف الله تعالى عنها وأحل لها الغنائم ، لحديث النبي المتقدم ( وأحلت لي المغانم ) (4) . - كانت إزالة النجاسة عندهم بقطع موضعها من الثوب أو البدن ، أما في شرعنا فيكفي في تطهيرها غسلها . عن أبي هريرة قال : قام أعرابي فبال في المسجد ، فتناوله الناس . فقال لهم النبي : ( دعوه وهريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء ، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) (5) . - كانت توبتهم بقتل أنفسهم ، وتوبة هذه الأمة بالإقلاع ، والعزم ، والندم (6) . - قال تعالى في صفة توبته على بني إسرائيل : وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم (7) وقال سبحانه وتعالى في صفة توبة هذه الأمة : والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات (1) انظر : فتح الباري لابن حجر : (2/131) . (2) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب التيمم – باب 1 – (ص/65) – حديث رقم (335) .وفي كتاب الصلاة - باب قول النبي جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا – (ص/84) – حديث رقم (438) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب المساجد ومواضع الصلاة – (ص/211) – حديث رقم (521) . (3) فتح الباري لابن حجر : (2/132) . (4) سبق تخريجه . (5) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الوضوء – باب صب الماء على البول في المسجد – (ص/47) – حديث رقم (220) . وفي كتاب الأدب – باب قول النبي : ( يسروا ولا تعسروا ) – ( ص/1143) – حديث رقم (6128) . (6) انظر : رفع الحرج لصالح بن حميد : (ص/192) . (7) سورة البقرة : 54 . - تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين (1) . - وقال : ( الندم توبة ) (2) . - وقد تظافرت الأدلة من الكتاب والسنة في الحث على التوبة والترغيب فيها، من ذلك : - عن أبي بردة قال : سمعت الأغر وكان من أصحاب النبي يحدث ابن عمر قال : قال رسول الله : ( يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة ) (3) . - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : ( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) (4) . - عن أنس قال : قال رسول الله : ( الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة ) (5) . - عن عبيدة بن عبد الله ، عن أبيه قال : قال رسول الله : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) (6) . المسألة الثانية : ما خفف عن هذه الأمة مما كان عليه الناس في الجاهلية : كما قلنا من قبل فإن الله تعالى منّ على هذه الأمة وخفف عنها ما كان على الأمم السابقة ، وما كان عليه الناس في الجاهلية ، وسأشير إلى ما يتعلق بالمرأة والتيسيرات التي حظيت بها في الإسلام ، ولست في صدد كتابة كل ما يتعلق بها، فالأمر في هذا يطول ، لذا سأشير إلى بعض التخفيفات ، وهي كما قلت كثيرة ، منها : (1) سورة آل عمران : 135-136 . (2) أخرجه ابن ماجة في سننه – كتاب الزهد – باب ذكر التوبة – (ص/704) – حديث رقم (4252) . وصححه الألباني في صحيح الجامع – (2/1150) – حديث رقم (6802) . (3) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الذكر والدعاء - باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه – (ص/1083) – حديث رقم (2702) . (4) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب التوبة – باب سقوط الذنوب بالاستغفار توبة– (ص/1100) – حديث رقم (2749) . (5) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الدعوات – باب التوبة– (ص/1175) – حديث رقم (6309) . وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب التوبة – باب في الحض على التوبة والفرح بها – (ص/1099) – حديث رقم (2747) . (6) أخرجه ابن ماجة في سننه – كتاب الزهد – باب ذكر التوبة – (ص/704) – حديث رقم (4250) . وحسنه الألباني في صحيح الجامع – (1/578) – حديث رقم (3008) . - كان العرب قبل الإسلام ينظرون على المرأة نظرة احتقار وامتهان ، ويحزنون لولادة الأنثى ، وقد بين القرآن الكريم هذه الحالة النفسية التي كانت تنتابهم فقال تعالى : وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون حتى آل الأمر بمعظمهم إلى وأد البنات وهن في قيد الحياة قال تعالى : وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت (1) . - أما الإسلام فقد أكرم المرأة ، وجعلها في الحقوق كالرجل إلا فيما يختلفان فيه من استعداد وكفاية وقدرة هي مناط هذه الحقوق وبشرط أن لا تعارض هذه الحقوق ما عليها من واجبات . فهي تتمتع بحق الحياة لأنها نفس معصومة كالرجل ، ولذا حرم الإسلام وأد البنت ، وأوجب القصاص في قتلها عمدا كما هو الحكم بالنسبة للرجل (2) . - ما كانت المرأة ترث،لأن الإرث عند عرب الجاهلية كان محصورا بالرجال (3). - فشرع الإسلام لها حق اكتساب الأموال بالطرق المشروعة ، لأن لها ذمة صالحة لاكتساب الحقوق المالية وغير المالية ، فهي فيها كالرجل . ومن أسباب اكتساب الأموال ، الميراث وقد أثبته الشرع الإسلامي لها بعد أن حرمها الجاهليون منه قال تعالى : للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا (4). ولها حق التصرف بأموالها كما تشاء دون حاجة إلى إذن أحد ما دامت عاقلة رشيدة (5) . - كانت كثيرا ما تخضع للتعسف والظلم ، فإذا مات الرجل وترك زوجة وأولادا من غيرها ، فللابن الحق في تزويجها ولو كانت كارهة كما كان له أن يمنعها من (1) سورة التكوير : 8-9 . وانظر : أصول الدعوة : د. عبد الكريم زيدان : (ص/123) . (2) المرجع السابق : (ص/125) . (3) المرجع السابق : (ص/124) . (4) سورة النساء : 7 . (5) انظر : أصول الدعوة : د. عبد الكريم زيدان : (ص/125) . التزوج (1) . - فأنزل الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها (1) . قال البخاري : عن ابن عباس ، قال : كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها ، وإن شاؤوا زوجوها ، وإن شاؤوا لم يزوجوها وهم أحق بها من أهلها ، فنزلت هذه الآية في ذلك (3) . - وللزوج أن يطلقها ما شاء من الطلقات ويراجعها قبل أن تنتهي عدتها وهكذا يجعلها كالمعلقة لا هي مطلقة فتذهب إلى حال سبيلها ولا هي متزوجة التي تتمتع بحقوق الزوجية (4) . - فأنزل الله تعالى: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان (5) وهذه الآية الكريمة رافعة لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام من أن الرجل كان أحق برجعة امرأته وإن طلقها مائة مرة ما دامت في العدة فلما كان هذا فيه ضرر على الزوجات قصرهم الله إلى ثلاث طلقات وأباح الرجعة في المرة والثنتين وأبانها بالكلية في الثالثة (6) . فهذه بعض صور التيسير والتخفيف التي خصها الشارع الحكيم بالمرأة ، رحمة لها وإحسانا عما كانت عليه في الجاهلية . (1) أصول الدعوة : د. عبد الكريم زيدان : (ص/124) . (2) سورة النساء : 19 . (3) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب تفسير القرآن - باب لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن الآية – (ص/834) – حديث رقم (4579) . (4) أصول الدعوة : د. عبد الكريم زيدان : (ص/124) . (5) سورة البقرة : 229 . (6) تفسير ابن كثير : (1/279) . المبحث الثاني : اليسر التخفيفي : ويندرج فيه مطلبان ، وهما : أسباب التخفيف ، وأنواعه . المطلب الأول : أسباب التخفيف : للتخفيف أسباب بنيت على الأعذار. وقد رخص الشارع لأصحابها بالتخفيف عنهم: في العبادات ، والمعاملات ، والبيوع ، والحدود وغيرها . فكل ما تعسر أمره ، وشق على المكلف وضعه ، يسرته الشريعة بالتخفيف ، وضبطه الفقهاء بالقواعد المحكمة . ومن أهم هذه الأعذار التي جعلت سببا للتخفيف عن العباد : المرض ، والسفر ، والإكراه ، والنسيان ، والجهل ، والخطأ ، والعسر وعموم البلوى (1) . وسأذكر الأسباب وبعض الأمثلة عليها باختصار . السبب الأول : المرض : نظرا لما في المرض من خلل في القدرة البدنية يورث العجز عن بعض الأفعال ، فإن الشارع الحكيم راعى ذلك ، ويسر على عباده في بعض الأحكام التي يكون المرض سببا في المشقة عندها ، فجعلها بحسب قدرة المريض وإمكانه . أو أجلها إلى الوقت الذي يتمكن فيه من أدائها . ومن صور هذه التخفيفات والتيسيرات * : - التيسيرات في الطهارة : ففي الطهارة رخص له في التيمم بالتراب من أجل الصلاة عند الخوف على النفس أو العضو ، أو زيادة المرض ، أو بطء شفائه..،ومن ذلك تجويز المسح على الجبيرة . يقول الله تعالى: وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط ، أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا (2) . - التيسيرات في الصلاة : وفي الصلاة المفروضة طلب من المريض أداءها بالكيفية التي يستطيعها ، قاعدا ، أو مضطجعا ، أو مومئا ، قال النبي : (1) الموسوعة الفقهية : (14/227) . * انظر : قاعدة المشقة تجلب التيسير : للدكتور : يعقوب الباحسين (ص/112-115) . (2) سورة النساء : 43 . - ( صل قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب ) (1) . وجوّز له التخلف عما فيه مشقة عليه ، كالتخلف عن الجمعة والجماعة ، مع حصول الفضيلة . - التيسيرات في الصوم : وفي الصوم أباح له الفطر في رمضان ، والخروج من المعتكف ، وأجاز لمن كان فيه عجز دائم كالشيخ الهرم ترك الصيام مع وجوب الفدية عليه ، يقول الله تعالى : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين (2) . - التيسيرات في الحج : وفي الحج رخص له في الاستنابة فيه ، أو في بعض أفعاله كرمي الجمار ، وإباحة محظورات الإحرام ، كلبس الثياب ، أو حلق الرأس مثلا ، مع الفدية . يقول الله تعالى : فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك (3) . - التيسير فيما عدا العبادات : وفيما عدا العبادات أبيح ما تدعو إليه الضرورة أو الحاجة ، مما به المحافظة على نفسه ، كإباحة التداوي بالنجاسات ، وإساغة اللقمة بالخمر إذا غص اتفاقا وغيرها . السبب الثاني : السفر : السفر لغة قطع المسافة ، أو الخروج للارتحال . وشرعا الخروج عن بيوت المصر على قصد مسيرة ثلاث أيام ولياليها فما فوق بسير الإبل ومشي الأقدام . وعرّف الطويل منه بتعريفات مختلفة ، تتصل بآراء العلماء في المسافة التي تسوغ بعض التخفيفات كالقصر والفطر والمسح أكثر من يوم وليلة وغيرها . ولما كان مظنة للمشقة جعله الشارع سببا للتخفيف ، رحمة بالمكلفين ورفعا للحرج عنهم ولما كان السفر يختلف طولا وقصرا ، وكانت المشقات تتناسب مع طوله وقصره، خفف الشارع عن المكلفين بما يناسب ذلك ، فخص الطويل برخص معينة ،وشرّك بين الطويل وغيره في رخص أخر . (1) أخرجه البخاري في صحيحه – أبواب التهجد– باب إذا لم يطق قاعدا ، صلى على جنب– (ص/195) – حديث رقم (1117). (2) سورة البقرة : 184 . (3) سورة البقرة : 196 .
|
جعلاني ذهبي
غير متواجد
|
- فمما اختص به السفر الطويل : القصر في الصلاة الرباعية المفروضة ، والفطر في رمضان ، على أن يصوم عدة من أيام أخر ، وجواز المسح على الخفين أكثر من يوم وليلة .
- ومما اشترك فيه السفران : ترك الجمعة والجماعة والعيدين ، وأكل الميتة وجواز التنفل على الدابة وغير ذلك من الأحكام التي فرعها الفقهاء (1) . السبب الثالث : الإكراه : الإكراه هو حمل الغير على أمر لا يرضاه وذلك بتهديده بالقتل ، أو بقطع طرف ، أو نحوهما ، إن لم يفعل ما يطلب منه ، وقد عد الشارع الإكراه بغير حق عذرا من الأعذار المخففة ، التي تسقط بها المؤاخذة في الدنيا والآخرة ، فتخفف عن المكرَه ما ينتج عما أكره عليه من آثار دنيوية ، أو أخروية ، بحدوده قال تعالى : من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان ... الآية (2) . السبب الرابع : النسيان : وهو عدم استحضار الشيء وقت الحاجة إليه . واختلفوا في الفرق بينه وبين السهو ، والمعتمد أنهما مترادفان . ويعد معذرة شرعية ، تسقط المؤاخذة في بعض الحالات ، رحمة بالناس ورفعا للحرج والمشقة عنهم ، لقوله : ( تجاوز الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) (3) ؛ ولأن المحاسبة عليه نوع من تكليف ما لا يطاق . * على أنه ينبغي التفريق في ذلك بين ما كان من حقوق الله تعالى وما كان من حقوق العباد . 1- حقوق العباد : ففي حقوق العباد لا يعتبر النسيان عذرا ، حتى لو أتلف مال إنسان ناسيا وجب عليه الضمان ، جبراً لحق العبد التالف ، لأن أموال العباد محترمة لحاجتهم إليها . ففي إتلافها من غير ضمان حرج شديد (1) انظر : قاعدة المشقة تجلب التيسير : للدكتور : يعقوب الباحسين (ص/153-155) . بتصرف . (2) سورة النحل : 106 . وانظر : الموسوعة الفقهية : (14/229) . (3) أخرجه ابن ماجة في سننه – كتاب الطلاق – باب طلاق المكره والناسي – (ص/353) – حديث رقم (2043) . وصححه الألباني في صحيح الجامع – (1/358) – حديث رقم (1731) . - وضرر بالغ تضيع به المصالح . ولو لم يُقَل بالضمان لادعى كل متلف أنه كان ناسيا . وتلك فوضى لا تليق بمقام التشريع ولكن لا إثم عليه في ذلك ، بسبب النسيان . 2- حقوق الله تعالى : وأما حقوق الله تعالى فإن ما يترتب على النسيان منها إما أن يكون حكما أخرويا أو دنيويا . فإن كان أخرويا فإن النسيان يعتبر عذرا في سقوط الإثم فيه ، للحديث الذي سبقت الإشارة إليه . وليس المراد من الوضع أو الرفع فيه عين النسيان ، بل ما يترتب عليه من الحكم ، ولأن المحاسبة عليه نوع من تكليف ما لا يطاق ، وقد علمنا أنه غير جائز شرعا . وأما إن كان دنيويا فقد فرقوا فيه بين المأمورات والمنهيات ، فاعتبروا النسيان عذرا في المنهيات دون المأمورات ، مع تفصيل لهم في ذلك (1) . السبب الخامس : الجهل : الجهل عدم العلم بالأحكام الشرعية أو بأسبابها . والجهل عذر مخفف في أحكام الآخرة اتفاقا ، فلا إثم على من فعل المحرم أو ترك الواجب جاهلا ، لقوله تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا (2) . أما في الحكم فكما تقدم في النسيان ، 1- إن وقع الجهل في حقوق الله تعالى ، وكان بترك مأمور لم يسقط بل يجب تداركه ، ولا يحصل الثواب المترتب عليه بغير تدارك ، أو وقع في فعل منهي عنه ليس من باب الإتلاف فلا شيء فيه ، أو فيه إتلاف لم يسقط الضمان ، كما في قتل صيد الحرم أو قطع شجرة . 2- وإن كان الجهل في فعل ما فيه عقوبة كان شبهة في إسقاطها ، ولا يؤثر الجهل في إسقاط حقوق العباد . وليس كل أحد يقبل منه دعوى الجهل بالحكم الشرعي ، والقاعدة في ذلك أن من جهل تحريم شيء مما يشترك في العلم به غالب المسلمين لم يقبل ، ما لم يكن (1) قاعدة المشقة تجلب التيسير : للدكتور : يعقوب الباحسين (ص/119-120) . (2) سورة الإسراء : 15 . قريب عهد بالإسلام ، أو نشأ ببادية بعيدة يخفى فيها مثل ذلك ، كتحريم الزنى ، والسرقة ، وشرب الخمر والكلام في الصلاة ، والأكل في الصوم . وقد يكون الجهل فيما يخفى حكمه على المسلم العامي دون العالم ، فتقبل فيه دعوى الجهل من الأول دون الثاني ، ككون القدر الذي أتى به من الكلام مفسدا للصلاة ، أو كون النوع الذي دخل جوفه مفسدا للصوم . وكل من علم تحريم شيء وجهل ما يترتب عليه لم يفده ذلك ، كمن علم تحريم الزنى والخمر وجهل وجوب الحد ، فإنه يحد بالاتفاق (1) . السبب السادس : الخطأ : الخطأ إما أن يكون في الفعل أو في القصد. فمن أخطأ في فعله : كمن يرمي صيدا فيصيب إنسانا ، أو في قصده : كمن يرمي شخصا يظنه غير معصوم الدم ، فتبين أنه معصوم . وكمن اجتهد في التعرف على القبلة فأداه اجتهاده إلى جهة معينة ، فتبين أنها خلافها . والخطأ بنوعيه من الأسباب المخففة فيما يتعلق بحقوق الله تعالى ، لقوله تعالى : وليس عليكم جنـاح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم (2) . وقال رسول الله : ( تجاوز الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) (3) . وليس الخطأ مسقطا حقوق العباد ، فلو أتلف مال غيره خطأ فعليه ضمانه . وإنما يعتبر مخففا في الجنايات ، دارئا للحدود ، فيخفف عن القاتل خطأ من القصاص إلى الدية ، ويدرأ الحد عن الواطئ غير زوجته خطأ . أما حقوق الله فيسقط الإثم ، وقد تسقط مطالبة الشارع بإعادة العبادة مرة أخرى (4) . السبب السابع : العسر وعموم البلوى : يدخل فيه الأعذار الغالبة التي تكثر البلوى بها وتعم في الناس ، دون ما كان منها نادرا ، وذلك أن الشرع فرق في الأعذار بين غالبها ونادرها ، فعفا عن غالبها لما في اجتنابه من المشقة الغالبة . وإنما تكون غالبة لتكررها ، وكثرتها وشيوعها في (1) الموسوعة الفقهية : (14/230-231) . بتصرف . (2) سورة الأحزاب : 5 . (3) سبق تخريجه : (ص/37) . (4) انظر : الموسوعة الفقهية : (14/231) . الناس ، بخلاف ما كان منها نادرا فالأكثر أنه يؤاخذ به ، ولا يكون عذرا لانتفاء المشقة غالبا ، فإن كان فيه عسر كمشقة الاحتراز عما لا يدركه الطرف من رشاش البول فيعفى عنه أيضا . وأصل ذلك في باب الحيض ، فإنه يسقط الصلاة حتى لا تجب ولا يجب قضاؤها ؛ لتكررها كل شهر ، بخلاف قضاء ما تفطره من رمضان ، فيجب لأنه في السنة مرة . وأيضا قول النبي في الهرة : ( إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم ) (1) فقد علل طهارتها بكثرة طوافها أي لعسر الاحتراز عنها لكثرة ملابستها لثياب الناس وآنيتهم ، مع كونها تأكل الفأر والميتة . وما روي أن أم سلمة قالت للنبي : " إني امرأة أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر ؟ قال : يطهره ما بعده " (2) وقال : ( إذا أتى أحدكم المسجد فلينظر في نعليه فإن وجد فيهما أذى أو قذرا فليمسحه وليصل فيهما ) (3) . والتخفيف بالعسر وعموم البلوى يدخل في كثير من أبواب الشريعة (3) . السبب الثامن : النقص : إن الإنسان إن كانت قدراته ناقصة يعسر عليه أن يتحمل مثل ما يحمله غيره من أهل الكمال ، فاقتضت الحكمة التخفيف . فمن ذلك : - عدم تكليف الصبي لحديث : (رفع القلم عن ثلاث) منهم (وعن الصغير حتى يكبر) (4) . - ومنه عدم تكليف الأرقاء بكثير مما يجب على الأحرار ، كالجمعة وتنصيف الحدود والعدد . (1) أخرجه أبو داود في سننه – كتاب الطهارة – باب سؤر الهرة – (ص/17) – حديث رقم (75) و (76) . و أخرجه الترمذي في جامعه – كتاب الطهارة – باب ما جاء في سؤر الهرة – (ص/33) – حديث رقم (92) . وأخرجه النسائي في سننه – كتاب الطهارة – باب سؤر الهرة – (ص/19) – حديث رقم (68) . و أخرجه ابن ماجة في سننه – كتاب الطهارة وسننها – باب الوضوء بسؤر الهرة والرخصة في ذلك– (ص/82) – حديث رقم (367) . وصححه الألباني في صحيح الجامع : (1/479) – حديث رقم (2437) . (2) أخرجه أبو داود في سننه – كتاب الطهارة – باب في الأذى يصيب الذيل – (ص/66) – حديث رقم (383) . وأخرجه الترمذي في جامعه – كتاب الطهارة – باب ما جاء في الوضوء من المَوطِأ – (ص/45-46) – حديث رقم (143) . وأخرجه ابن ماجة في سننه – كتاب الطهارة وسننها – باب الأرض يطهر بعضها بعضا– (ص/106) – حديث رقم (531) . (3) انظر : الموسوعة الفقهية : (14/231-232) . (4) أخرجه ابن ماجة في سننه – كتاب الطلاق – باب طلاق المعتوه والصغير والنائم – (ص/352-353) – حديث رقم (2041) وصححه الألباني .
|
جعلاني ذهبي
غير متواجد
|
ومنه التخفيفات الواردة في شأن النساء . فإن الشريعة خففت عنهن بعض الأحكام ، فرفعت عنهن كثيرا مما ألزم به الرجال من أحكام . ومن ذلك الجماعة، والجمعة ، وأباحت بعض ما حرم على الرجل كلبس الحرير والذهب (1) .
المطلب الثاني : أنواع التخفيف : 1- تخفيف إسقاط : فيسقط الفعل عن المكلف ، كإسقاط الجمعة عن أصحاب الأعذار ، والحج عن غير المستطيع ، والجهاد عن الأعمى والأعرج ومقطوع اليد ، وكإسقاط الصلاة عن الحائض والنفساء (2) . 2- تخفيف تنقيص : كقصر الرباعية إلى ركعتين (3) . 3- تخفيف إبدال : كإبدال الوضوء والغسل بالتيمم، والقيام في الصلاة بالقعود، أو الاضطجاع ، أو الإيماء ، والصيام بالإطعام (3) . 4- تخفيف تقديم : كإجازة جمع التقديم في الصلاة للمسافر والحاج ، وإجازة تعجيل تقديم الزكاة عن الحول لداع ، وتقديم زكاة الفطر في رمضان قبل يوم العيد بيوم أو بيومين ، وأجاز البعض تقديمها لأكثر من ذلك (4) . 5- تخفيف تأخير : كجمع التأخير، وتأخير صيام رمضان للمريض والمسافر، وتأخير الصلاة في حق مشتغل بإنقاذ غريق (5) . 6- تخفيف ترخيص : وهو ما استبيح من المحظورات عند الضرورة ، أو عند الحاجة ، كإباحة التلفظ بكلمة الكفر لمن أكره بإجراء قول الكفر على لسانه ، وأكل الميتة للمضطر لخوف الهلاك على نفسه من الجوع، وشرب الخمر لإزالة الغصة (6) . (1) انظر : الموسوعة الفقهية : (14/232) . (2) المصدر السابق : (14/235) . (3) انظر : رفع الحرج لصالح بن حميد : (ص/199) . (4) انظر : الموسوعة الفقهية : (14/236) . (5) انظر : رفع الحرج لصالح بن حميد : (ص/199) . (6) انظر : الموسوعة الفقهية : (14/236) . 7- تخفيف تغيير : كتغيير نظم الصلاة في الخوف (1). ولما كان التخفيف واردا في العبادات بأنواعها ، والمعاملات ، والحدود ، وغيرها مما اشتملت عليه أبواب الفقه ، فمن الصعب جمع هذه الأمور المخففة كلها من أبوابها المختلف (2) . (1) انظر: رفع الحرج لصالح بن حميد : (ص/199). (2) الموسوعة الفقهية : (14/236) .
|
جعلاني ذهبي
غير متواجد
|
الفصل الرابع
شبهات وردود تكثر الشبه حول الإسلام من أعدائه ، ومن الجهلة من أبنائه ، ومن باب الذود عنه وبيان بطلان الشبه رأيت إيراد هذا المبحث ، عسى أن يسكت عدوا ، أو يقنع مسلما جاهلا . ومن أهم الشبه المتعلقة بالموضوع – بحسب نظري – شبهتان : 1- كثيرا ما نسمع عبارة " الأجر على قدر المشقة " فإذا كانت المشقة مقصودة ، فإن هذا يعارض يسر الإسلام . الجواب : إن المشقة الواقعة في التكاليف الشرعية تتمثل في نوعين * : النوع الأول : المشقة الملازمة للتكاليف الشرعية ، وذلك أن التكاليف الشرعية لا تخلو من مشقة ، وهذه المشقة تتفاوت حسب أنواع المطلوبات الشرعية من صلاة وصيام وحج وجهاد وغير ذلك . ومن الواضح أنها لم توصف بالتكاليف إلا لما فيها من الكلفة، ولو لم يكن فيها من المشقة إلا مخالفة هوى النفس لكان ذلك كافيا. فهذه المشقة ليس مقصودة في التكليف ؛ لأنها نابعة من طبيعة الشيء المكلف به شرعا ، ملازمة له ، ولا تنفك عنه ، وإنما المقصود الإتيان بالمطلوب الشرعي المشتمل على تلك المشقة لما يترتب عليه من الامتثال ، وتحقيق المصلحة أو درء المفسدة . النوع الثاني : المشقة الواقعة في طريق أداء التكاليف الشرعية لتغير الظروف . إذ أنه قد يطرأ على المطلوب الشرعي ظروف زمانية أو مكانية ، وقد يتغير من رخاء إلى شدة ، ومن أمن إلى خوف ، ومن اعتدال إلى برد أو حر ، لكنها لا تتجاوز حدود المعتاد . فهذه المشقة تكون واقعة في طريق العبادة ، وذلك كالمشقة الحاصلة بالوضوء في وقت الشتاء ، مما يختلف عن الوضوء في وقت الصيف والوقت المعتدل .. . فهذه المشاق الحاصلة بسبب تغير الظروف لاشك أنـه مثاب * رفع الحرج لصالح بن حميد : (ص/416-417) بتصرف . عليها ، وهي لا تعدو أن تكون معتادة وواقعة في طريق العبادة لا أنها مقصودة لذاتها . أما لو حصل للمكلف مشقة زائدة غير معتادة لا يتحملها إلا بحرج شديد فهو غير مكلف بالإقدام على ذلك ؛ لأنه منوط بالاستطاعة . وله أن يعدل عنها إلى الرخص . فالمشقة النابعة من الشيء المكلف به ، أو الواقعة في طريق أداء المطلوب الشرعي وتنفيذ أوامر الله : مثاب عليها ، ومعدودة من عمل الخير الداخل في عموم قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خير يره (1) . وبناء على ما سبق يتضح أن المشقة ليست مقصودة في الشرع ، وفي هذا يقول الشاطبي : " أن المشقة ليس للمكلف أن يقصدها في التكليف ، وله أن يقصد العمل الذي يعظم أجره لعظم مشقته من حيث هو عمل ، لأنه إنما يقصد نفس العمل المترتب عليه الأجر . وذلك هو قصد الشارع بوضع التكليف به ، وما جاء على موافقة قصد الشارع هو المطلوب ... ثم قال : فإذا كان قصد المكلف إيقاع المشقة فقد خالف قصد الشارع ، من حيث إن الشارع لا يقصد بالتكليف نفس المشقة ، وكل قصد يخالف قصد الشارع باطل . فالقصد إلى المشقة باطل ، فهو إذا من قبيل ما ينهى عنه ، وما ينهى عنه لا ثواب فيه .. فطلب الأجر بقصد الدخول في المشقة قصد مناقض " (2) . فيتضح أن المشقة ليس مناطا للأجر ، والثواب على المشقة يأتي من كونها ملازمة للتكليف أو واقعة في طريقه لا أنها مقصودة بذاتها ، ويدل عليه (3) : 1- ما ذكرناه وقررناه في بداية البحث من أن الدين يسر وقائم على التخفيف ورفع الحرج . 2- ما جاء من نصوص تفيد النهي عن التكلف والتشدد في الدين . ومن ذلك قصة الرهط الثلاثة : فعن أنس بن مالك قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي ، يسألون عن عبادة النبي ، فلما أخبروا كأنهم تقالوها ، فقالوا : وأين نحن من النبي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه (1) سورة الزلزلة : 7 . (2) الموافقات للشاطبي : (2/128-129) بتصرف يسير . (3) انظر : رفع الحرج لصالح بن حميد : (ص/419-422) . بتصرف . - وما تأخر . قال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبدا . وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر . وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا . فجاء رسول الله فقال : ( أنتم الذين قلتم كذا وكذا ، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ) (1) . 3- لو كان الأجر على قدر المشقة بإطلاق لكان الإكثار من النوافل أفضل من الفرائض وأعظم أجرا ، والفرائض محدودة وميسرة. وقد جاء في الحديث القدسي : ( وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه ) (2). 4- أن الواقع في الشريعة حصول التفاوت في الأجر في المتساويات ، بل ترتب الأجر العظيم على العمل القليل ، ولو كانت المشقة مناط الأجر لكان العمل كلما عظمت مشقته كلما ازداد أجره ، ولكن هذا غير واقع . يقول عليه الصلاة والسلام : (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة ، فأفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان ) (3) . فالأعمال والطاعات تتفاضل عند الله حسب شرفها وفضلها في الثمرة لا في المشقة والجهد ، وإلا لكانت إماطة الأذى عن الطريق أجزل ثوابا من قول لا إله إلا الله ؛ لأنها أشق . 5- ما ذكرناه من أسباب التخفيف ، يفيد أن المشقة مدفوعة في الشريعة وليست مقصودة ، بدليل وجود الرخص والتخفيفات . فالمطلوب من المكلف تحقيق طلب الشارع مادام أنه في حالة معتدلة ، فإذا حصل له ظرف طارئ من مرض أو سفر فإنه يعدل إلى الأحكام المخففة ، ولا يكلف نفسه معاناة الطلب الأول من غير أن ينقص من أجره شيء . وهو يؤكد أن المشقة ليست مناط الأجر وليست مقصودة لذاتها . (1) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب النكاح - باب الترغيب في النكاح – (ص/968) – حديث رقم (5063) . (2) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الرقاق - باب التواضع – (ص/1207) – حديث رقم (6502) . (3) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها وفضيلة الحياء وكونه من الإيمان – (ص/48) – حديث رقم (35) .
|
انواع عرض الموضوع |
العرض العادي |
الانتقال إلى العرض المتطور |
الانتقال إلى العرض الشجري |
|
|