| منتديات جعلان > جعلان للتربية والتعليم والموسوعات > جعلان للجامعات والكليات > جعلان للبحوثات العلمية | ||
| بحث((( موسوعة سيرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ))) | ||
| الملاحظات |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
غير متواجد
|
قصة الردة - أعاذنا الله منها - :
قد تقدم من رسول الله صلى الله عليه وسلم إخباره بالفتن الكائنة بعده ، وإنذاره عنها ، وإخباره خاصة عن الردة . من ذلك : ما في الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينا أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب ، فكرهتهما . فنفختهما فطارا ، فأولتهما كذابين يخرجان" . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث من نجا منهن فقد نجا : من موتي ، ومن قتل خليفة مصطبر بالحق معطيه ، ومن الدجال" . وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : "لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر، وكفر من كفر من العرب ، قال عمر لأبي بكر : كيف تقاتل الناس ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس ، حتى يقولوا: لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم ، إلا بحقها؟، فقال أبو بكر : فإن الزكاة من حقها . والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال ، فعرفت أنه الحق . قال عمر : والله لرجح إيمان أبي بكر بإيمان هذه الأمة جميعاً في قتال أهل الردة" . وذكر يعقوب بن سعيد بن عبيد ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن جماعة قالوا : كان أبو بكر أمير الشاكرين : الذين ثبتوا على دينهم ، وأمير الصابرين : الذين صبروا على جهاد عدوهم -وهم أهل الردة- وذلك : أن العرب افترقت في ردتها . فقالت فرقة : لو كان نبياً ما مات . وقالت فرقة : انقضت النبوة بموته . فلا نطيع أحداً بعده . وفي ذلك يقول قائلهم : أطعنا رسول الله ما كان بيننا فيا لعباد الله ما لأبي بكر؟ أيورثها بكراً إذا مات بعده فتلك لعمر الله قاصمة الظهر وقالت فرقة : نؤمن بالله . وقال بعضهم : نؤمن بالله ، ونشهد أن محمداً رسول الله ، ولكن لا نعطيكم أموالنا . فجادل الصحابة أبا بكر رضي الله عنهم ، وقالوا : احبس جيش أسامة ، فيكون أماناً بالمدينة . وارفق بالعرب حتى يتفرج هذا الأمر . فلو أن طائفة ارتدت . قلنا : قاتل بمن معك من ارتد. وقد أصفقت العرب على الارتداد . وقدم على أبي بكر عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس في رجال من أشراف العرب . فدخلوا على رجال من المهاجرين ، فقالوا : إنه قد ارتد عامة من وراءنا عن الإسلام ، وليس في أنفسهم أن يؤدوا إليكم ما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن تجعلوا لنا جعلاً كفيناكم . فدخل الصحابة على أبي بكر ، فعرضوا عليه ذلك ، وقالوا : نرى أن تطعم الأقرع وعيينة طعمة يرضيان بها ، ويكفيانك من وراءهما ، حتى يرجع إلينا أسامة وجيشه ، ويشتد أمرك ، فإنا اليوم قليل في كثير ، فقال أبو بكر : فهل ترون غير ذلك ؟ قالوا : لا. قال : قد علمتم أن من عهد نبيكم إليكم المشورة فيما لم يمض فيه أمر من نبيكم ، ولا نزل به الكتاب عليكم . وأنا رجل منكم ، تنظرون فيما أشير به عليكم ، وإن الله لن يجمعكم على ضلالة ، فتجتمعون على الرشد في ذلك . فأما أنا، فأرى أن ننبذ إلى عدونا. فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. وألا ترشون على الإسلام ، فنجاهد عدوه كما جاهدهم . والله لو منعوني عقالاً ، لرأيت أن أجاهدهم عليه حتى آخذه . وأما قدوم عيينة وأصحابه إليكم : فهذا أمر لم يغب عنه عيينة ، هو راضيه ، ثم جاء له . ولو رأوا ذباب السيف ، لعادوا إلى ما خرجوا منه ، أو أفناهم السيف ، فإلى النار . قتلناهم على حق منعوه وكفر اتبعوه . فبان للناس أمرهم . فقالوا له : أنت أفضلنا رأياً ، ورأينا لرأيك تبع. فأمر أبو بكر رضي الله عنه الناس بالتجهز ، وأجمع على المسير بنفسه . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم -لما صدر من الحج سنة عشر- وقدم المدينة أقام حتى رأى هلال المحرم سنة إحدى عشرة ، فبعث المصدقين في العرب . |
|
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
غير متواجد
|
نفع الله طيئاً بعدي بن حاتم :
فلما بلغهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا ، فمنهم من رجع . ومنهم من أدى إلى أبي بكر ، منهم عدي بن حاتم ، كانت عنده إبل عظيمة من صدقات قومه . فلما ارتد [من ارتد] ، وارتدت بنو أسد -وهم جيرانهم- اجتمعت طيء إلى عدي . فقالوا: إن هذا الرجل قد مات ، وقد انتقض الناس بعده ، وقبض كل قوم ما كان في أيديهم من صدقات ، فنحن أحق بأموالنا من شذاذ الناس . فقال : ألم تعطوا العهد طائعين غير مكرهين ؟ قالوا : بلى ، ولكن حدث ما ترى ، وقد ترى ما صنع الناس . فقال : والذي نفس عدي بيده ، لا أخيس بها أبداً ، فإن أبيتم ، فوالله لأقاتلنكم، فليكونن أول قتيل يقتل على وفاء ذمته: عدي بن حاتم ، أو يسلمها . فلا تطمعوا أن يسب حاتم في قبره ، وعدي ابنه من بعده . فلا يدعونكم غدر غادر إلى أن تغدروا . فإن للشيطان قادة عند موت كل نبي يستخف بها أهل الجهل ، حتى يحملهم على قلائص الفتنة . وإنما هي عجاجة لا ثبات لها ، ولا ثبات فيها ، إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم خليفة من بعده يلي هذا الأمر . وإن لدين الله أقواماً سينهضون ويقومون ، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذؤابتيه في السماء . لئن فعلتم ليقارعنكم عن أموالكم ونسائكم بعد قتل عدي وغدركم ، فأي قوم أنتم عند ذلك ؟ فلما رأوا منه الجد كفوا عنه ، وأسلموا له . فلما كان زمن عمر : رأى من عمر جفوة ، فقال له عدي : ما أراك تعرفني ؟ قال عمر : بلى والله ، والله يعرفك في السماء . أعرفك والله ، أسلمت إذ كفروا ، ووفيت إذ غدروا ، وأقبلت إذ أدبروا ، وأيم الله أعرفك . |
|
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
غير متواجد
|
قتال أهل الردة :
ولما كان من العرب ما كان ، ومنع من منع منهم الصدقة . جد بأبي بكر الجد في قتالهم . وأراه الله رشده فيهم ، وعزم على الخروج بنفسه . فخرج في مائة من المهاجرين والأنصار ، وخالد يحمل اللواء ، حتى نزل بقعاء، يريد أن يتلاحق الناس ، ويكون أسرع لخروجهم ، ووكل بالناس محمد بن مسلمة يستحثهم . وأقام ببقعاء أياماً ينتظر الناس . ولم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلا خرج . فقال عمر : ارجع يا خليفة رسول الله ، تكن للمسلمين فئة ، فإنك إن تقتل يرتد الناس ، ويعلو الباطل الحق ، فدعا زيد بن الخطاب ليستخلفه ، فقال : قد كنت أرجو أن أرزق الشهادة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أرزقها . وأنا أرجو أن أرزقها في هذا الوجه . وإن أمير الجيش لا ينبغي أن يباشر القتال بنفسه . فدعا أبا حذيفة ابن عتبة ، فعرض عليه ذلك ، فقال مثلما قال زيد ، فدعا سالماً مولى أبي حذيفة، فأبى عليه. فدعا خالداً فأمره على الناس ، وكتب معه هذا الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم .... هذا ما عهد أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن الوليد ، حين بعثه لقتال من رجع عن الإسلام إلى ضلالة الجاهلية ، وأماني الشيطان ، وأمره : أن يبين لهم الذي لهم في الإسلام ، والذي عليهم ، ويحرص على هداهم . فمن أجابه قبل منه ، وإنما يقاتل من كفر بالله على الإيمان بالله . فإذا أجاب إلى الإيمان ، وصدق إيمانه لم يكن له عليه سبيل . وكان الله حسيبه بعد في عمله . ولا يقبل من أحد شيئاً أعطاه إياه إلا الإسلام ، والدخول فيه ، والصبر به وعليه ولا يدخل في أصحابه حشواً من الناس ، حتى يعرف : علام اتبعوه ، وقاتلوا معه ؟ فإني أخشى أن يكون معكم ناس يتعوذون بكم ، ليسوا بكم ، ولا على دينكم ، فيكونون عوناً عليكم . وارفق بالمسلمين في مسيرهم ومنازلهم ، وتفقدهم ، ولا تعجل بعض الناس عن بعض في المسير، ولا في الارتحال . واستوص بمن معك من الأنصار خيراً ، فإن فيهم ضيقاً ومرارة وزعارة ، ولهم حق وفضيلة وسابقة ووصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاقبل من محسنهم ، وتجاوز عن مسيئهم . ويروى أن أبا بكر كتب مع هذا كتاباً آخر ، وأمر خالداً أن يقرأه في كل مجمع ، وهو : |
|
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
غير متواجد
|
كتاب أبي بكر لأمرائه :
بسم الله الرحمن الرحيم . . . من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى من بلغه كتابي هذا ، من عامة الناس أو خاصتهم ، أقام على الإسلام أو رجع عنه . سلام على من اتبع الهدى، ولم يرجع بعد الهدى إلى الضلالة والعمى، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، الهادي غير المضل . أرسله بالحق من عنده إلى خلقه ، بشيراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه ، وسراجاً منيراً ، لينذر من كان حياً، ويحق القول على الكافرين . فهدى الله بالحق من أجاب إليه ،، وضرب بالحق من أدبر عنه ، حتى صاروا إلى الإسلام طوعاً وكرهاً. ثم أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك أجله . وقد كان الله بين له ذلك لأهل الإسلام في الكتاب الذي أنزل عليه ، فقال :" إنك ميت وإنهم ميتون " ، وقال : " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون " الآية ، وقال للمؤمنين : " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " الآية، فمن كان يعبد محمداً ، فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله وحده ، لا شريك له ، فإن الله له بالمرصاد حي قيوم لا يموت ، ولا تأخذه سنة ولا نوم ، حافظ لأمره منتقم من عدوه ومجزيه ، وإني أوصيكم أيها الناس [بتقوى الله ، وأحضكم على حظكم ونصيبكم من الله ، وما جاء به نبيكم صلى الله عليه وسلم . وأن تهتدوا بهداه ، وتعتصموا بدين الله] ، فإن كل من لم يحفظ الله ضائع ، وكل من لم يصدقه كاذب ، وكل من لم يسعده الله شقي ، وكل من لم يرزقه محروم ، وكل من لم ينصره الله مخذول . فاهتدوا بهدى الله ربكم ، فإنه من يهدي الله فهو المهتدي . ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً . وإنه قد بلغني رجوع من رجع منكم عن دينه ، بعد أن أقر بالإسلام ، وعمل به ، اغتراراً بالله ، وجهالة بأمر الله وطاعة للشيطان. قال الله تعالى : " إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير " وإني قد بعثت إليكم خالداً في المهاجرين والأنصار . والتابعين لهم بإحسان . وأمرته أن لا يقاتل أحداً حتى يدعوه إلى داعية الله ، فمن دخل في دين الله وعمل صالحاً قبل ذلك منه ، ومن أبى فلا يبقي على أحد ، ويحرقهم بالنار ، ويسبي الذراري والنساء . وعن عروة بن الزبير قال : جعل أبو بكر يوصي خالداً ، ويقول: عليك بتقوى الله ، والرفق بمن معك . أهل السابقة من المهاجرين والأنصار ، فشاورهم ، ثم لا تخالفهم . وقدم أمامك الطلائع ترتد لك المنازل ، وسر في أصحابك على تعبئة جيدة، فإن أعطاك الله الظفر على أهل اليمامة ، فأقل البقيا عليهم ، إن شاء الله وإياك أن تلقاني غداً بما يضيق به صدري منك . اسمع عهدي ووصيتي، ولا تغيرن على دار سمعت فيها أذاناً ، حتى تعلم ما هم عليه . واعلم أن الله يعلم من سريرتك ما يعلم من علانيتك . واعلم أن رعيتك تعمل بما تراك تعمل ، تعاهد جيشك ، وانههم عما لا يصلح لهم . فإنما تقاتلون من تقاتلون بأعمالكم ، وبهذا نرجو لكم النصر على أعدائكم ، سر على بركة الله تعالى . |
|
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
غير متواجد
|
ذكر مسير خالد إلى بزاخة وغيرها :
ولما سار خالد إلى بزاخة ، كان عدي بن حاتم معه ، وقد انضم إليه من طيء ألف ، فنزلوا بزاخة ، وكانت جديلة معرضة عن الإسلام -وهي بطن من طيء- وكان عدي بن حاتم رضي الله عنه من الغوث . وقد همت جديلة أن ترتد ، فجاءهم مكنف بن زيد الخيل ، فقال : أتريدون أن تصيروا سبة على قومكم؟ ولم يرجع رجل واحد من طئ ، وهذا عدي معه ألف رجل من طئ ، فكسرهم. فلما نزل خالد بزاخة ، قال لعدي : ألا نسير إلى جديلة؟ قال : يا أبا سليمان ! أقاتل معك بيدين أحب إليك، أم بيد واحدة؟ فقال: بل يدين ، قال : فإن جديلة إحدى يدي . فكف عنهم . فجاءهم عدي ، فدعاهم إلى الإسلام ، فأسلموا ، فحمد الله ، وسار بهم إلى خالد ، فلما رآهم صاح في أصحابه السلاح ، فلما جاؤوا حلوا ناحية ، فجاءهم خالد ورحب بهم ، فاعتذروا إليه. وقالوا : نحن لك حيث شئت . فجزاهم خيراً ، فلم يرتد من طيء رجل واحد . فسار خالد على تعبئته ، وطلب إليه عدي أن يجعل قومه مقدمة أصحابه . فقال : أخاف أن أقدمهم ، فإذا ألجمهم القتال انكشفوا، فانكشف من معنا ، ولكن دعني أقدم قوماً صبراً ، لهم سوابق . فقال عدي : الرأي ما رأيت ، فقدم المهاجرين والأنصار . ولم يزل يقدم الطلائع منذ خرج من بقعاء، حتى قدم اليمامة . وأمر عيونه أن يختبروا كل من مروا بهم عند مواقيت الصلاة بالأذان لها ، فيكون ذلك دليلاً على إسلامهم . فلما انتهوا إلى طليحة الأسدي ، وجدوه وقد ضربت له قبة ، وأصحابه حوله. فضرب خالد خيام عسكره على ميل أو نحوه ، وخرج يسير على فرس ، معه نفر من الصحابة ، فوقف قريباً من العسكر، ودعا بطليحة فخرج إليه ، فقال : إن من عهد خليفتنا إلينا : أن ندعوك إلى الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن تعود إلى ما خرجت منه . فأبى طليحة ، وكان عيينة بن حصن قد قال له : لا أبالك ، هل أنت مرينا؟ -يعني نبوتك- فقد رأيت ورأينا ما كان يأتي محمداً . قال : نعم ، فبعث عيوناً له ، لما أقبل خالد إليهم ، قبل أن يسمع الناس بإقباله . فقال : إن بعثتم فارسين في فرسين ، أغرين محجلين ، من بني نصر بن قعين، أتوكم من القوم بعين . فبعثوا كذلك ، فلقيا عيناً لخالد ، فأتوا به ، فزادهم فتنة . فلما أبى طليحة أن يجيب خالداً ، انصرف خالد إلى عسكره ، فاستعمل تلك الليلة على حرسه مكنف بن زيد الخيل وعدي بن حاتم ، فلما كان من السحر نهض خالد ، فعبأ أصحابه ، ووضع ألويته مواضعها ، ودفع اللواء الأعظم إلى زيد بن الخطاب ، فتقدم به ، وتقدم ثابت بن قيس بن شماس بلواء الأنصار ، وطلبت طئ لواء ، فعقد لهم خالد لواء ، ودفعه إلى عدي . فلما سمع طليحة الحركة عبأ أصحابه ، حتى إذا استوت الصفوف زحف بهم خالد حتى دنا من طليحة ، فأخرج طليحة أربعين غلاماً جلداً ، فأقامهم في الميمنة ، وقال : اضربوا حتى تأتوا الميسرة ، فتضعضع الناس ، ولم يقتل أحد حتى أقامهم في الميسرة ، ففعلوا مثل ذلك ، وانهزم المسلمون . فقال خالد : يا معشر المسلمين ! الله ، الله . واقتحم وسط القوم وكر معه أصحابه ، فاختلطت الصفوف ، ونادى يومئذ مناد من طيء ، عندما حمل أولئك الأربعون : يا خالد ! عليك بسلمى وأجأ -جبلى طيء- فقال : بل إلى الله الملتجأ. ثم حمل فما رجع ، حتى لم يبق من الأربعين رجل واحد . وتراد الناس بعد الهزيمة ، واشتد القتال ، وأسر حبال بن أبي حبال ، فأرادوا أن يبعثوا به إلى أبي بكر ، فقال : اضربوا عنقي ، ولا تروني محمديكم هذا . فضربوا عنقه . ولما اشتد القتال ، ، تزمل طليحة بكساء له ، وهم ينتظرون أن ينزل عليه الوحي ، فلما طال ذلك على أصحابه ، وهدتهم الحرب ، جعل عيينة يقاتل ويذمر الناس ، حتى إذا ألح المسلمون عليهم السيف ، أتى طليحة ، وهو في كسائه ، فقال : لا أبا لك هل أتاك جبريل بعد ؟ قال : لا والله ، قال : تباً لك سائر اليوم . ثم رجع عيينة فقاتل ، وجعل يحض أصحابه على القتال ، وقد ضجوا من وقع السيوف . فلما طال ذلك عليهم ، جاء إلى طليحة وهو متلفف بكسائه . فجبذه جبذة شديدة جلس منها ، وقال : قبح الله هذه من نبوة ، ما قيل لك بعد شئ ؟ قال : بلى ، قد قيل لي : عيينة إن ذلك رحى كرحاه ، وأمراً لن تنساه . فقال عيينة : أظن أن قد علم الله أنه سيكون لك حديث لن تنساه ، يا بني فزارة ! هكذا -وأشار تحت الشمس- انصرفوا . هذا والله كذاب ، ما بورك لنا ولا له فيما يطلب . فانصرفت فزارة ، وذهب عيينة وأخوه في آثارهما ، فأدرك عيينة فأسر ، وأفلت أخوه . ولما رأى طليحة ما فعل أصحابه خرج منهزماً ، فجعل أصحابه يقولون : ماذا تأمرنا ؟ وقد كان أعد فرسه ، وهيأ امرأته ، فوثب على فرسه وحمل امرأته وراءه ، ثم ولى هارباً ، وقال : من استطاع منكم أن يفعل هكذا فليفعل . ثم هرب حتى قدم الشام . وذكر : أنه قال لأصحابه ، لما رأى انهزامهم . ويلكم ، ما يهزمكم ؟ فقال له رجل : أنا أخبرك ، إنه ليس منا رجل إلا وهو يحب أن صاحبه يموت قبله ، وإنا نلقى قوماً كلهم يحب أن يموت قبل صاحبه . ولما ولى طليحة هارباً ، تبعه عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم . وكان طليحة قد أعطى الله عهداً : أن لا يسأله أحد النزول إلا فعل ، فلما أدبر ناداه عكاشة بن محصن : ياطليحة ! فعطف عليه ، فقتل عكاشة ، ثم أدركه ثابت ، فقتله أيضاً طليحة ، ثم لحق المسلمون أصحاب طليحة فقتلوا وأسروا . وصاح خالد : لا يطبخن رجل قدراً ولا يسخن ماء ، إلا وأثفيته رأس رجل . وتلطف رجل من بني أسد حتى وثب على عجز راحلة خالد ، فقال : أنشدك الله ، أن لا يكون هلاك مضر على يدك ، يا خالد ! حكمك في بني أسد . فنادى خالد : من قام فهو آمن ، فقام الناس كلهم . وسمعت بذلك بنو عامر ، فأعلنوا الإسلام . وأمر خالد بالحظائر أن تبنى ، ثم أوقد فيها النار . ثم أمر بالأسرى فألقيت فيها ، وألقي فيها يومئذ حامية بن سبيع الذي استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه . وأخذت أم طليحة ، فعرض عليها الإسلام ، فوثبت . وأخذت فحمة من النار ، وهي تقول : يا موت عم صباحاً ، كافحته كفاحاً إذ لم أجد براحاً . وذكر الواقدي : أن خالداً جمع الأسرى في الحظائر ، ثم أضرمها عليهم فاحترقوا أحياء ، ولم يحرق أحداً من فزارة . فقيل لبعض أهل العلم : لم حرق هؤلاء من بين أهل الردة ؟ فقال : بلغته عنهم مقالة سيئة ، وثبتوا على ردتهم . وعن ابن عمر ، قال : شهدت بزاخة مع خالد ، فأظفرنا الله على طليحة ، وكنا كلما أغرنا على قوم سبينا الذراري ، واقتسمنا الأموال . |
|
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
غير متواجد
|
ذكر رجوع بني عامر وغيرهم إلى الإسلام :
ولما أوقع الله ببني أسد وفزارة ما أوقع ببزاخة ، بث خالد السرايا ، ليصيبوا من قدروا عليه ممن هو على ردته ، وجعلت العرب تسير إلى خالد ، رغبة في الإسلام ، وخوفاً من السيف ، فمنهم من أصابته السرية ، فيقول : جئت راغباً في الإسلام ، وقد رجعت إلى ما خرجت منه . ومنهم من يقول : ما رجعنا ، ولكن منعنا أموالنا ، فقد سلمناها ، فليأخذ منها حقه . ومنهم من مضى إلى أبي بكر ، ولم يقرب خالداً . ثم عمد خالد إلى جبلي طئ -أجأ وسلمى- فأتته عامر وغطفان يدخلون الإسلام ، ويسألونه الأمان على مياههم وبلادهم . وأظهروا التوبة ، وأقاموا الصلاة ، وأقروا بالزكاة . فأمنهم خالد ، وأخذ عليهم العهود والمواثيق : لتبايعن على ذلك أبناءكم ونساءكم آناء الليل وآناء النهار . فقالوا : نعم ، نعم . وبعث بعيينة إلى أبي بكر مجموعة يداه في وثاقه ، فجعل غلمان المدينة ينخسونه بالجريد ، ويضربونه . ويقولون : أي عدو الله، أكفرت بالله بعد إيمانك ؟ فيقول : والله ما كنت آمنت بالله قط . وأخذ خالد من بني عامر وغيرهم من أهل الردة -ممن بايعه على الإسلام- كل ما ظهر من سلاحهم ، واستحلفهم على ما غيبوا منه، فإذا حلفوا تركهم ، وإن أبوا شدهم أسرى حتى أتوا بما عندهم . فأخذ منهم سلاحاً كثيراً ، فأعطاه أقواماً يحتاجون إليه في قتال عدوهم ، وكتبه عليهم ثم ردوه بعد . وحدث يزيد بن أبي شريك الفزاري عن أبيه ، قال : قدمت مع أسد وغطفان على أبي بكر وافداً ، حين فرغ خالد منهم . فقال أبو بكر : اختاروا بين خصلتين : حرب مجلية ، أو سلم مخزية . فقال خارجة بن حصن : هذه الحرب المجلية قد عرفناها ، فما السلم المخزية ؟ قال : تشهدون أن قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار . وأن تردوا علينا ما أخذتم منا ، ولا نرد عليكم ما أخذنا منكم . وأن تدوا قتلانا ، كل قتيل مائة بعير ، منها أربعون في بطونها أولادها ، ولا ندي قتلاكم . ونأخذ منكم الحلقة والكراع ، وتلحقون بأذناب الإبل حتى يري الله خليفة نبيه والمؤمنين ما شاء فيكم ، أو يرى منكم إقبالاً لما خرجتم منه . فقال خارجة : نعم ، يا خليفة رسول الله . فقال أبو بكر: عليكم عهد الله وميثاقه أن تقوموا بالقرآن آناء الليل وآناء النهار. وتعلمون أولادكم ونساءكم، ولا تمنعوا فرائض الله في أموالكم . قالوا : نعم. قال عمر : يا خليفة رسول الله ، كل ما قلت كما قلت ، إلا أن يدوا من قتل منا، فإنهم قوم قتلوا في سبيل الله . فتتابع الناس على قول عمر . فقبض أبو بكر كل ما قدر عليه من الحلقة والكراع ، فلما توفي رأى عمر : أن الإسلام قد ضرب بجرانه ، فدفعه إلى أهله وإلى ورثة من مات منهم . |
|
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
غير متواجد
|
مسير خالد إلى اليمامة :
فلما فرغ خالد من بزاخة وبني عامر ، أظهر أن أبا بكر عهد إليه : أن يسير إلى أرض بني تميم ، وإلى اليمامة . فقال ثابت بن قيس -وهو على الأنصار ، وخالد على جماعة المسلمين- ما عهد إلينا ذلك ، وليس بنا قوة . وقد كل المسلمون ، وعجف كراعهم، فقال خالد : لا أستكره أحداً ، وسار بمن تبعه . وأقامت الأنصار يوماً أو يومين ، ثم تلاومت فيما بينها . وقالت : والله ما صنعنا شيئاً ، والله لئن أصيب القوم ليقولن خذلتموهم ، وإنها لمسبه عارها باق إلى آخر الدهر ، ولو أصابوا فتحاً ، إنه لخير منعتموه ، فابعثوا إلى خالد يقيم حتى تلحقوه . فبعثوا إليه . فأقام حتى لحقوه ، فاستقبلهم في كثرة من المسلمين حتى نزلوا . وساروا جميعاً حتى انتهوا إلى البطاح ، من أرض بني تميم ، فلم يجدوا بها جمعاً . ففرق خالد السرايا في نواحيها ، فأتت سرية منهم بني حنظلة -وسيدهم مالك بن نويرة- وكان قد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مصدقاً على قومه ، فجمع صدقاتهم فلما بلغته وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، جفل إبل الصدقة -أي ردها إلى أهلها فلذلك سمي الجفول- وجمع قومه ، فقال : إن هذا الرجل قد هلك ، فإن قام قائم بعده : رضي منكم أن تدخلوا في أمره ، ولم يطلب ما مضى ، ولم تكونوا أعطيتم الناس أموالكم ، فتسارع إليه جمهورهم . فقام فيهم قعنب -سيد بني يربوع- فقال . يا بني تميم ! لاترجعوا في صدقاتكم ، فيرجع الله في نعمه عليكم ، ولا تتجردوا للبلاء ، وقد ألبسكم الله العافية ولا تستشعروا خوف الكفر ، وأنتم في أمن الإسلام ، إنكم أعطيتم قليلاً من كثير ، والله مذهب الكثير بالقليل ، ومسلط على أموالكم غداً من يأخذها على غير الرضى ، وإن منعتموها قتلتم ، فأطيعوا الله واعصوا مالكاً. فقام مالك ، فقال : يا بني تميم ! إنما رددت عليكم أموالكم إكراماً لكم ، وإنه لا يزال يقوم منكم قائم يخطئني ، والله ما أنا بأحرصكم على المال ، ولا بأجزعكم من الموت ، ولا بأخفاكم شخصاً إن أقمت ، ولا بأخفاكم راحلة إن هربت . فترضوه عند ذلك وأسندوا أمرهم إليه ، وأبى الله إلا أن يتم أمره فيهم . وقال مالك في ذلك : وقال رجال: سدد اليوم مالك وقال رجال: مالك لم يسدد فقلت: دعوني لاأبا لأبيكمو فلم أخط رأياً في المعاد ولاالبد فدونكوموها إنها صدقاتكم مصررة أخلافها لم تجرد سأجعل نفسي دون ما تحذرونه فأرهنكم يوماً بما قلت يدي فإن قام بالأمر المجرد قائم أطعنا وقلنا: الدين دين محمد ولما بلغ ذلك أبا بكر والمسلمين حنقوا عليه ، وعاهد الله خالد لئن أخذه ليجعلن هامته أثفية للقدر . فلما وصلتهن السرية -مع طلوع الشمس- فزعوا إلى السلاح ، وقالوا : من أنتم ؟ قالوا : نحن عباد الله المسلمون . قالوا ونحن عباد الله المسلمون . قالوا : فضعوا السلاح ، ففعلوا ، فأخذوهم . وجاؤوا بهم إلى خالد . فقال له أبو قتادة -وهو مع السرية- : أقاتل أنت هؤلاء ؟ قال : نعم ، قال : إنهم اتقونا بالإسلام ، أذنا فأذنوا ، وصلينا فصلوا . وكان عهد أبي بكر : أيما دار غشيتموها ، فسمعتم الأذان فيها بالصلاة ، فأمسكوا عن أهلها حتى تسألوهم : ماذا نقموا ؟ وماذا يبغون ؟ وإن لم تسمعوا الأذان : فشنوا عليها الغارة ، فاقتلوا وحرقوا . فأمر بهم خالد فقتلوا ، وأمر برأس مالك ، فجعل أثفية للقدر ، ورثاه أخوه متمم بقصائد كثيرة . وروي أن عمر قال له : لوددت أني رثيت أخي زيداً بمثل ما رثيت به أخاك مالكاً . فقال متمم : لو علمت أن أخي صار حيث صار أخوك ما رثيته . فقال عمر : ما عزاني أحد عن أخي بمثل تعزيته . |
|
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
غير متواجد
|
ذكر ردة أهل اليمامة مفتونين بمسيلمة الكذاب :
عن رافع بن خديج قال : قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وفود العرب ، فلم يقدم علينا وفد أقسى قلوباً ، ولا أحرى أن يكون الإسلام يقر في قلوبهم -من بني حنيفة ، وكان مسيلمة مع الوفد. فلما انصرفوا إلى اليمامة ادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم أشركه في النبوة ، وكتب إليه : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، أما بعد، فإني أشركت في الأمر معك ، وإنا لنا نصف الأرض ، ولقريش نصفها ، ولكن قريش قوم يعتدون . فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله ، إلى مسيلمة الكذاب . أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين. وجد بعدو الله ضلاله ، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأصفقت معه بنو حنيفة على ذلك ، إلا أفذاذاً من ذوي عقولهم . وكان من أعظم ما فتن به قومه : شهادة الرجال بن عنفوة له بإشراك النبي صلى الله عليه وسلم إياه في الأمر . وكان الرجال من الوفد الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم . فقرأ القرآن ، وتعلم السنن . قال ابن عمر : وكان من أفضل الوفد عندنا ، فكان أعظم فتنة على أهل اليمامة من غيره ، لما كان يعرف به . قال رافع بن خديج : كان بالرجال من الخشوع ولزوم قراءة القرآن والخير فيما يرى -شئ عجب ، وكان ابن عمر اليشكري من أشرافهم ، وكان صديقاً للرجال . وكان مسلماً يكتم إسلامه . فقال شعراً فشا في اليمامة حتى كان الوليدة والصبي ينشدونه : يا سعاد الفؤاد بنت أثال طال ليلي بفتنة الرجال إنها يا سعاد من حدث الدهر عليكم كفتنة الدجال فتن القوم بالشهادة والله عزيز ذو قوة ومحال لايساوي الذي يقول من الأ مـر قبالاً وما احتذى من قبال إن ديني ديـن النبي وفي القـ ـــوم رجال ليسوا لنا برجال أهلك القوم محكم بن طفيل ورجال ليسوا لنا برجال بزهم أمرهم مسيلمة اليوم فلن يرجعوه أخرى الليالي قلت للنفس إذ تعاظمها الصـ ـبر وساءت مقالة الأنذال: ربما تجزع النفوس من الأمر له فرجة كحل العقال إن تكن ميتتي على فطرة اللـ ــه حنيفاً فإنني لاأبالي فبلغ ذلك مسيلمة ومحكم وأشرافهم ، ففاتهم . ولحق بخالد ، فأخبره بحالهم ، ودله على عوراتهم . وعظمت فتنة بني حنيفة بكذابهم ، إذا كان يدعو لمريضهم ، ويبرك على مولودهم ، ولا ينهاهم عن الاغترار به ما يريهم الله ما يحل به من الخيبة والخسران . جاءه رجل بمولود ، فمسح رأسه ، فقرع ، وقرع كل مولود له . وجاءه آخر ، فقال : إني ذو مال ، وليس لي مولود يبلغ سنتين حتى يموت ، إلا هذا المولود . وهو ابن عشر سنين ، ولي مولود ولد أمس . فأحب أن تبارك فيه ، وتدعو أن يطيل الله عمره . قال : سأطلب لك ، فرجع الرجل إلى منزله مسروراً ، فوجد الأكبر قد تردى في بئر ، ووجد الأصغر في نزع الموت ، فلم يمس ذلك اليوم حتى ماتا جميعاً . وتقول أمهما : لا والله ، ما لأبي ثمامة عند إلهه منزلة محمد . وحفرت بنو حنيفة بئراً فاستعذبوها ، فأتوا مسيلمة ، وطلبوا أن يبارك فيها ، فبصق فيها فعادت ملحاً أجاجاً . وكان الصديق رضي الله عنه قد عهد إلى خالد -إذا فرغ من أسد وغطفان والضاحية- أن يقصد اليمامة ، وأكد عليه ذلك. فلما أظفر الله خالداً بهم ، تسلل بعضهم إلى المدينة ، يسألون أبا بكر : أن يبايعهم على الإسلام . فقال : بيعتي إياكم وأماني لكم : أن تلحقوا بخالد ، فمن كتب إلي خالد : أنه حضر معه اليمامة ، فهو آمن . وليبلغ شاهدكم غائبكم ، ولا تقدموا علي . قال ابن الجهم : أولئك الذين لحقوا به : هم الذين انكسروا بالمسلمين يوم اليمامة ثلاث مرات ، وكانوا على المسلمين بلاء . قال شريك الفزاري : كنت ممن شهد بزاخة ، مع عيينة بن حصن ، ثم رزقني الله الإنابة ، فجئت أبا بكر ، فأمرني بالمسير إلى خالد . وكتب معي إليه : أما بعد ، فقد جاءني كتابك ، تذكر ما أظفرك الله بأسد وغطفان . وإنك سائر إلى اليمامة ، فاتق الله وحده لا شريك له ، وعليك بالرفق بمن معك من المسلمين ، كن لهم كالوالد . وإياك يا ابن الوليد ونخوة بني المغيرة، فإني عصيت فيك من لم أعصه في شئ قط . فانظر بني حنيفة . فإنك لم تلق قوماً يشبهونهم ، كلهم عليك . ولهم بلاد واسعة . فإذا قدمت فباشر الأمر بنفسك . واستشر من معك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . واعرف لهم فضلهم ، فإذا لقيت القوم ، فأعد للأمور أقرانها ، فإن أظفرك الله بهم ، فإياك والإبقاء عليهم ، أجهز على جريحهم ، واطلب مدبرهم ، واحمل أسيرهم على السيف، وهول فيهم القتل ، وحرقهم بالنار ، وإياك أن تخالف أمري ، والسلام . ولما اتصل بأهل اليمامة مسير خالد إليهم ، بعد الذي صنع بأمثالهم ، حيرهم ذلك . وجزع له محكم بن طفيل سيدهم ، وهم أن يرجع إلى الإسلام . ثم استمر على ضلالته ، وكان صديقاً لزياد بن لبيد الأنصاري . فقال له خالد : لو ألقيت إليه شيئاً تكسره به ؟ فإنه سيدهم ، وطاعتهم بيده . فبعث إليه هذه الأبيات : يا محكم بن طفيل قد أتيح لكم لله در أبيكم حية الوادي يا محكم بن طفيل إنكم نفر كالشاء أسلمها الراعي لآساد ما في مسيلمة الكذاب من عوض من دار قوم وإخوان وأولاد فأكفف حنيفة عنه قبل نائحة تعفي فوارس قوم شجوها بادي لا تأمنوا خالداً بالبرد معتجراً تحت العجاجة مثل الأغطف العادي ويل اليمامة ويل لا فراق لـه إن جالت الخيل فيها بالقنا الصادي والله لا تنثني عنكم أعنتها حتى تكونوا كأهل الحجر أو عاد ووردت على محكم ، وقيل له : هذا خالد في المسلمين . فقال : رضي خالد أمراً، ورضينا غيره ، وما ينكر خالد أن يكون في بني حنيفة من أشرك في الأمر ؟ فسيرى -إن قدم علينا- يلق قوماً ليسوا كمن لقي . ثم خطبهم ، فقال : إنكم تلقون قوماً يبذلون أنفسهم دون صاحبهم ، فابذلوا نفوسكم دون صاحبكم . وكان عمير بن ضابىء في أصحاب خالد ، ولم يكن من أهل حجر ، كان من أهل ملهم ، فقال له خالد : تقدم إلى قومك فاكسرهم. فأتاهم ، فقال : يا أهل اليمامة ! أظلكم خالد في المهاجرين والأنصار. قد تركت القوم والله يتبايعون على فتح اليمامة، قد قضوا وطراً من أسد وغطفان ، وأنتم في أكفهم . وقولهم : لا قوة إلا بالله، إني رأيت أقواماً إن غلبتموهم بالصبر غلبوكم بالنصر . وإن غلبتموهم على الحياة غلبوكم على الموت . وان غلبتموهم بالعدد غلبوكم بالمدد ، لستم والقوم سواء ، الإسلام مقبل ، والشرك مدبر ، وصاحبهم نبي ، وصاحبكم كذاب . ومعهم السرور ، ومعكم الغرور . فالآن -والسيف في غمده ، والنبل في جفيره قبيل أن يسل السيف ، ويرمي بالسهم ، فكذبوه واتهموه . وقال ثمامة بن أثال فيهم ، فقال : اسمعوا مني ، وأطيعوا أمري ، ترشدوا . إنه لا يجتمع نبيان بأمر واحد . إن محمداً لا نبي بعده ، ولا نبي يرسل معه ، ثم قرأ : بسم الله الرحمن الرحيم " حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم * غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير " ، هذا كلام الله عز وجل . أين هذا من : يا ضفدع يا ضفدعين . نقي ، كم تنقين؟ نصفك في الماء ونصفك في الطين . لا الشراب تمنعين ولا الماء تكدرين ، ولا الطين تفارقين . لنا نصف الأرض ، ولقريش نصفها ، ولكن قريشاً قوم يعتدون . والله إنكم لترون هذا ما يخرج من إل . وقد استحق محمد أمراً أذكره به : خرجت معتمراً ، فأخذتني رسله في غير عهد ولا ذمة ، فعفا عن دمي ، فأسلمت وأذن لي في الخروج إلى بيت الله . فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقام هذا الأمر رجل من بعده ، هو أفقههم في أنفسهم ، لا تأخذه في الله لومة لائم. ثم بعث إليكم رجلاً، لا يسمى باسمه، ولا باسم أبيه ، يقال له : سيف الله، معه سيوف لله كثيرة ، فانظروا في أمركم، فآذاه القوم جميعاً ، أو من آذاه منهم . وقال ثمامة في ذلك : مسيلمة ارجع ولاتمحك فإنك في الأمر لم تشرك كذبت على الله في وحيه وكان هواك هوى الأنوك ومناك قومك أن يمنعوك وإن يأتهم خالد تترك فما لك من مصعد في السماء مالك في الأرض من مسلك |
|
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
غير متواجد
|
ذكر تقديم خالد الطلائع من البطاح :
لما سار خالد من البطاح وجاء أرض بني تميم : قدم مائتي فارس ، عليهم معن بن عدي ، وقدم عينين له أمامه . وذكر الواقدي : أن خالداً لما قدم العرض قدم مائتي فارس ، وقال : من أصبتم من الناس فخذوه . فانطلقوا ، وأخذوا مجاعة بن مرارة ، في ثلاثة وعشرين رجلاً من قومه ، خرجوا في طلب رجل أصاب فيهم دماً ، وهم لا يشعرون بإقبال خالد ، فسألوهم : من أنتم ؟ فقالوا : من بني حنيفة ، فقالوا : ما تقولون في صاحبكم ؟ فشهدوا أنه رسول الله ، فقالوا لمجاعة : ما تقول أنت ؟ فقال: ما كنت أقرب مسيلمة ، وقد قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت ، وما غيرت ولا بدلت . فضرب خالد أعناقهم ، حتى إذا بقي سارية بن عامر ، قال : يا خالد ! إن كنت تريد بأهل اليمامة خيراً أو شراً ، فاستبق مجاعة . وكان مجاعة شريفاً ، فلم يقتله . وترك أيضاً سارية ، وأمر بهما فأوثقا في جوامع من حديد . وكان يدعو مجاعة -وهو كذلك- فيتحدث معه ، وهو يظن أن خالداً يقتله . فقال : يا ابن المغيرة ! إن لي إسلاماً ، والله ما كفرت ، وأعاد كلامه الأول . فقال خالد : إن بين القتل والترك منزلة ، وهي الحبس ، حتى يقضي الله في حربنا ما هو قاض . ودفعه إلى أم متمم زوجته ، وأمرها أن تحسن إساره . فظن مجاعة أن خالداً يريد حبسه لأجل أن يخبره عن عدوه ويشير عليه . فقال : يا خالد ، لقد علمت أني قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبايعته على الإسلام . وأنا اليوم على ما كنت عليه أمس . فإن يكن كذاب خرج فينا ، فإن الله يقول : " ولا تزر وازرة وزر أخرى " ، فقال : يا مجاعة ! تركت اليوم ما كنت عليه بالأمس ، وكان رضاك بأمر هذا الكذاب ، وسكوتك عنه - وأنت أعز أهل اليمامة ، وقد بلغك مسيري -إقراراً له ، ورضى بما جاء به ، فهلا أبديت عذراً ، فتكلمت فيمن تكلم ؟ فقد تكلم ثمامة . فرد وأنكر ، وتكلم اليشكري ، فإن قلت : أخاف قومي ، فهلا عمدت إلي ، أو بعثت إلي رسولاً ؟ فقال : إن رأيت يا ابن المغيرة ! أن تعفو عن هذا كله ؟ فقال : قد عفوت عن دمك ، ولكن في نفسي من تركك حرج . فقال له ذات يوم : أخبرني عن صاحبك ، ما الذي يقرئكم ؟ هل تحفظ منه شيئاً ؟ قال : نعم ، فذكر له شيئاً من رجزه. فضرب خالد بإحدى يديه على الأخرى ، وقال : يا معشر المسلمين ! اسمعوا إلى عدو الله ، كيف يعارض القرآن ؟ فقال : ويحك ، يا مجاعة ! أراك سيداً عاقلاً ، تسمع إلى كتاب الله ، ثم انظر كيف عارضه عدو الله ؟ فقرأ عليه خالد : بسم الله الرحمن الرحيم : " سبح اسم ربك الأعلى * الذي خلق فسوى " . ثم قال خالد : أفما كان في هذا لكم ناه ، ولا زاجر؟ ثم قال : هات من كذب الخبيث . فذكر له بعض رجزه . فقال خالد : وقد كان عندكم حقاً وكنتم تصدقونه ؟ فقال : لو لم يكن عندنا حقاً لما لقيك غداً أكثر من عشرة آلاف سيف ، يضاربونك حتى يموت الأعجل . فقال خالد : إذاً يكفيناهم الله ، ويقر دينه ، فإياه يعبدون ودينه يؤيدون . قال عبيد الله بن عبد الله : لما أشرف خالد ، وأجمع أن ينزل عقرباء ، ودفع الطلائع أمامه ، فرجعوا إليه فأخبروه : أن مسيلمة ومن معه قد نزلوا عقرباء ، فشاور أصحابه : أن يمضي إلى اليمامة ، أو ينتهي إلى عقرباء . فأجمعوا أن ينتهي إلى عقرباء ، فزحف خالد بالمسلمين إليها ، وكان المسلمون يسألون عن الرجال بن عنفوة ، فإذا الرجل على مقدمة مسيلمة ، فلعنوه وشتموه . فلما فرغ خالد من ضرب عسكره -وبنو حنيفة تسوي صفوفها- نهض خالد إلى صفوفه فصفها . وقدم رايته مع زيد بن الخطاب ، ودفع راية الأنصار إلى ثابت بن قيس بن شماس ، فتقدم بها . وجعل على ميمنته : أبا حذيفة بن عتبة ، وعلى ميسرته : شجاع بن وهب ، واستعمل على الخيل البراء بن مالك ، ثم عزله ، واستعمل أسامة بن زيد . فأقبل بنو حنيفة ، وقد سلوا السيوف . فقال خالد : يا معشر المسلمين ! أبشروا ، فقد كفاكم الله أمر عدوكم ، ما سلوا السيوف من بعد إلا ليرهبوا . فقال مجاعة : كلا ، يا أبا سليمان ! ولكنها الهندوانية ، خشوا تحطمها ، وهي غداً باردة ، فأبرزوها للشمس لتسخن متونها . فلما دنوا من المسلمين نادوا : إنا نعتذر إليكم من سلنا سيوفنا ، والله ما سللناها ترهيباً ، ولكن غداة باردة ، فخشينا تحطمها ، فأردنا أن تسخن متونها إلى أن نلقاكم ، فسترون . فاقتتلوا قتالاً شديداً ، وصبر الفريقان صبراً طويلاً ، حتى كثر القتل والجراح في الفريقين . واستحر القتل في المسلمين وحملة القرآن ، حتى فنوا إلا قليلاً . وهزم كل من الفريقين حتى دخل المسلمون عسكر المشركين ، والمشركون عسكر المسلمين مراراً . وجعل زيد بن الخطاب -ومعه الراية- يقول : اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به مسيلمة ، وأعتذر إليك من فرار أصحابي ، وجعل يشتد بالراية في نحور العدو ، ثم ضارب بسيفه حتى قتل ، رحمه الله ورضي عنه . فأخذ الراية سالم مولى أبي حذيفة ، فقال المسلمون : إنا نخاف أن نؤتى من قبلك . فقال : بئس حامل القرآن أنا ، إذا أتيتم من قبلي . ونادت الأنصار ثابت بن قيس -ومعه رايتهم- : الزمها ، فإنها ملاك القوم ، فتقدم سالم فحفر لرجليه [حتى بلغ أنصاف ساقيه ، وحفر ثابت لرجليه] مثل ذلك ، ثم لزما رايتيهما . ولقد كان الناس يتفرقون في كل وجه ، وإن سالماً وثابتاً لقائمان ، حتى قتل سالم ، وقتل أبو حذيفة مولاه . قال وحشي بن حرب : اقتتلنا قتالاً شديداً ، حتى رأيت شهب النار تخرج من خلال السيوف ، حتى سمعت لها صوتاً كالأجراس . وقال ضمرة بن سعيد المازني -وذكر ردة بني حنيفة- : لم يلق المسلمون عدواً أشد نكاية منهم ، لقوهم بالموت الناقع ، والسيوف قد أصلتوها قبل النبل ، وقبل الرماح . فكان المعول يومئذ على أهل السوابق . وقال ثابت بن قيس يومئذ : يا معشر الأنصار ! الله ، الله في دينكم ، علمنا هؤلاء أمراً ما كنا نحسنه . ثم أقبل على المسلمين ، وقال : أف لكم ولما تصنعون . ثم قال : خلوا بيننا وبينهم ، أخلصونا . فأخلصت الأنصار ، فلم تكن لهم ناهية ، حتى انتهوا إلى محكم بن الطفيل فقتلوه . ثم انتهوا إلى الحديقة فدخلوها ، فقاتلوا أشد القتال ، حتى اختلطوا فيها ، ثم صاح ثابت صيحة : يا أصحاب سورة البقرة . وأوفى عباد بن بشر على نشز فصاح بأعلى صوته : أنا عباد بن بشر ، يا للأنصار ! أنا عباد ، إلي إلي. فأجابوه : لبيك لبيك ، حتى توافوا عنده . فقال : فداكم أبي وأمي ، حطموا جفون السيوف . ثم حطم جفن سيفه فألقاه . وحطمت الأنصار جفون سيوفها ، ثم قال : حملة صادقة ، اتبعوني . فخرج أمامهم ، حتى ساقوا بني حنيفة منهزمين ، حتى انتهوا إلى الحديقة ، فأغلق عليهم . ثم إن الله فتح الحديقة ، فاقتحم عليهم المسلمون . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : دخلنا الحديقة ، حين جاء وقت الظهر ، واستحر القتال ، فأمر خالد المؤذن ، فأذن على جدار الحديقة بالظهر ، والقوم مقبلون على القتل ، حتى انقطعت الحرب بعد العصر . فصلى بنا خالد الظهر والعصر . ثم بعث السقاة يطوفون على القتلى ، فطفت معهم . فمررت بعامر بن ثابت ، وإلى جنبه رجل من بني حنيفة به جراح ، فسقيت عامراً. فقال الحنفي : اسقني فدى لك أبي وأمي . فقلت : لا ، ولا كرامة ، ولكني أجهز عليك . قال : أحسنت ، أسألك مسألة لا شئ عليك فيها . قلت : ما هي ؟ قال : أبو ثمامة ، ما فعل ؟ قلت : والله قتل ، قال : نبي ضيعه قومه . ولما قتل منهم من قتل ، وكانت لهم أيضاً في المسلمين مقتلة عظيمة ، قد أبيح أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل : لا تغمدوا السيوف ، وفينا وفيهم عين تطرف ، وكان فيمن بقي من المسلمين جراحات كثيرة . فلما أمسى مجاعة ، أرسل إلى قومه ليلاً أن ألبسوا السلاح النساء والذرية ، ثم إذا أصبحتم فقوموا مستقبلي الشمس على حصونكم ، حتى يأتيكم أمري . وبات المسلمون يدفنون قتلاهم ، فلما فرغوا ، جعلوا يتكمدون بالنار من الجراح. فلما أصبحوا أمر خالد، فسيق مجاعة في الحديد، يعرفهم القتلى فمر برجل وسيم ، فقال : يا مجاعة، أهو هذا ؟ قال : هذا أكرم منه ، هذا محكم بن الطفيل ، إن الذي تبتغون لرجل أصيفر أخينس . فوجدوه ، فوقف عليه خالد ، فحمد الله كثيراً ، وأمر به فألقي في البئر التي كان يشرب منها . وكان خالد يرى أنه لم يبق منهم أحد إلا من لا عتاد عنده ، فقال : يا مجاعة ! هذا صاحبكم الذي فعل بكم الأفاعيل ، ما رأيت عقولاً أضعف من عقول أصحابك ، مثل هذا فعل بكم ما فعل ؟ فقال مجاعة : قد كان ذلك ، ولا تظن أن الحرب انقطعت، وإن قتلته. إن جماعة الناس ، وأهل البيوتات لفي الحصون ، فانظر . فرفع خالد رأسه ، فإذا السلاح والخلق الكثير على الحصون ، فرأى أمراً غمه . ثم استند ساعة ، ثم أدركته الرجولة ، فقال لأصحابه : يا خيل الله ! اركبي ، يا صاحب الراية قدمها. فقال مجاعة : إني لك ناصح ، وإن السيف قد أفناك ، فتعال أصالحك عن قومي . وقد أخل بخالد مصاب أهل السابقة ، ومن كان عنده الغناء . فقد رق وأحب الموادعة ، مع عجف الكراع . فاصطلحوا على الصفراء والبيضاء ، والحلقة والكراع ونصف السبي . ثم قال مجاعة : إني آت القوم فعارض عليهم ما صنعت . قال : فانطلق ، فذهب . ثم رجع ، فأخبره : أنهم أجازوه . فلما بان لخالد أنما هم النساء والصبيان ، قال : ويلك يا مجاعة ! خدعتني . قال : قومي ، فما أصنع ؟ وما وجدت من ذلك بداً . وقال أسيد بن حضير وغيره لخالد : اتق الله ، ولا تقبل الصلح . فقال : إنه قد أفناكم السيف . قالوا : وأفنى غيرنا أيضاً . قال : ومن بقي منكم جريح . قالوا : ومن بقي من القوم جرحى ، لا ندخل في الصلح أبداً . أغد بنا عليهم ، حتى يظفرنا الله بهم أو نبيد عن آخرنا. احملنا على كتاب أبي بكر إن أظفرك الله بهم ، فلا تبق منهم أحداً، فبينا هم على ذلك ، إذ جاء كتاب أبي بكر يقطر الدم ، وفيه : إن أظفرك الله بهم ، فلا تستبق رجلاً مرت عليه الموسى. فتكلمت الأنصار في ذلك ، وقالوا : أمر أبي بكر فوق أمرك . فقال : إني والله ما ابتغيت في ذلك إلا الذي هو خير . رأيت أهل السابقة وأهل القرآن قد قتلوا ، ولم يبق معي إلا من لا بقاء له على السيف لو لج عليهم . فقبلت الصلح ، مع أنهم قد أظهروا الإسلام ، واتقوا بالراح . وتم الصلح ، وكتب إلى أبي بكر يعتذر إليه . فتكلم عمر في شأن خالد بكلام غليظ ، فقال أبو بكر : دع عنك هذا . فقال : سمعاً وطاعة . وقال أبو بكر : ليته حملهم على السيف ، فلن يزالوا من كذابهم في بلية إلى يوم القيامة ، إلا أن يعصمهم الله . وكانت وقعة اليمامة في ربيع الأول سنة اثنتي عشرة . وذكر عمر يوماً وقعة اليمامة ، ومن قتل فيها من أهل السابقة ، فقال :ألحت السيوف على أهل السوابق ، ولم يكن المعول يومئذ إلا عليهم . خافوا على الإسلام أن يكسر بابه ، فيدخل منه إن ظهر مسيلمة ، فمنع الله الإسلام بهم حتى قتل عدوه ، وأظهر كلمته وقدموا -رحمهم الله- على ما يسرون به من ثواب جهادهم من كذب على الله وعلى رسوله ، فاستحر بهم القتل ، فرحم الله تلك الوجوه . وقال يعقوب بن سعيد بن عبيد الزهري : قتل من بني حنيفة أكثر من سبعة آلاف ، وكان داؤهم خبيثاً ، والطارىء منهم على الإسلام عظيماً ، فاستأصل شأفتهم ، والحمد لله رب العالمين. |
|
جعلاني ذهبي
![]() ![]() ![]() ![]()
غير متواجد
|
ذكر ردة بني سليم :
ذكر الواقدي -من حديث سفيان بن أبي العرجاء السليمي . وكان عالماً بردة قومه- قال : أهدى ملك من ملوك غسان إلى النبي صلى الله عليه وسلم لطيمة فيها مسك وعنبر ، وخيل . فخرجت بها الرسل ، حتى إذا كانت بأرض بني سليم بلغتهم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فتشجع بعض بني سليم على أخذها والردة ، وأبى بعضهم من ذلك ، وقال: إن كان محمد قد مات ، فإن الله حي لا يموت ، فانتهب الذين ارتدوا منهم اللطيمة . فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه : كتب إلى معن بن حاجر ، فاستعمله على من أسلم من بني سليم ، وكان قد قام في ذلك قياماً حسناً ، ذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر الناس ما قال الله لنبيه : " إنك ميت وإنهم ميتون " ، وقال : " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " ، مع آي من كتاب الله . فاجتمع إليه بشر من بني سليم . وانحاز أهل الردة منهم ، فجعلوا يغيرون على الناس . |
| انواع عرض الموضوع |
العرض العادي |
الانتقال إلى العرض المتطور |
الانتقال إلى العرض الشجري |
|
|
