كثيرا ما نرى الابتسامة على وجه الطفل أثناء نومه , إنها ابتسامة لا إرادية خالية من أي مضمون انفعالي ؛ لأن الطفل لم يتعرض بعد لتجارب ترسم في ذهنه انطباعات أو ذكريات تداعب عقله الباطن بما يسره فيبتسم .
مهما يكن من أمر فبعد أن يمضي أسبوعان على ولادة الطفل , تبدو ابتسامة لا واعية , وبعد الأسبوع الثالث تظهر على شفتيه ابتسامة حقيقية فيها سمة العطاء الإرادي , وعندما يبلغ عمره تسعة أسابيع , يستطيع الطفل تركيز نظراته , والتعرف على الأشخاص والأشياء , وتصبح الابتسامة هدية لإسعاد الكبار , يجب مقابلتها بمكافأة ما على هيئة نوع محبب من الطعام , ومزيد من الانتباه والرعاية والمداعبة .
للابتسامة وظيفة إنسانية على عكس الضحك الذي يؤدي وظيفة ذاتية , فهناك حيوانات تؤدي علامات ضحك نفسية تعبر بها عن السرور والفرح والسعادة .
أصحاب الكلاب لديهم خبرة بالحالات التي يرون فيها كلابهم تؤدي نموذجا من الضحك : الفم مفتوح , اللسان ناتئ , الشفتان مشدودتان للخلف , لكن لا يبدو على الحيوانات أنها تبتسم .
والابتسامة الإنسانية ليست بالضرورة علامة السرور والترحاب دائما , إنها تشير أحيانا إلى إعادة التأكيد أو الموافقة , عندما يكون التأكيد والموافقة متوقفين , كما في حالة الابتسام لفكاهة رديئة , أو لمجاملة ضيف تجاوزت ضيافته حدود الزمن المعقول .
بعض الناس يجيدون تميز الابتسامة المصطنعة عن غيرهم : عضلات الفم تشي دائما بزيف الابتسامة وكلمة ((تشيز)) المفضلة لدى المصورين تثمر باستمرار ابتسامات مزيفة غير ناضجة , لكنها معقولة .
نمو خطوط الضحك حول الفم والعينين , يكشف مقدار ما يصدر عنا من إشارة للضحك , ومن الصعب أن نتحدث لأي شخص زمنا مهما يكن طوله بلا ابتسام , ولو كان الشخص المتلقي عدوا , لأن الابتسامة ليست مجرد تعبير عن دفء العاطفة , قد تكون للسخرية والتندر والإعلان عن الثقة بالذات , وقد تكون من قبيل الزهو أو الوعيد .
ابتسامة الملق الذليلة لها أثر غريب , حتى الشخص الذي لا يظن أنه يتملق , يظل يبتسم للذين يفوقونه نفوذا , ولمن هم أكبر أو أغنى منه , يبتسم لمن هو أعلى منه مرتبة اجتماعية أو اقتصادية , ومن له عنده حاجة أو منفعة , وحيث يرغب أن يكون محبوبا : يبتسم ابتسامة مصطنعة غير ذات معنى .