حنين بن إسحاق )#
هو حنينبن إسحاق العبادي, أبو زيد. مسيحي نسطوري من أهل الحيرة . طبيب مؤرخ مترجم,
كان أبوه يبيع العقاقير في الحيرة ولما شب حنين سافر إلى البصرة وأخذ العربية عن الخليل بن أحمد وانتقل بعد ذلك إلى جند يسابور,
فأخذ صناعة الطب عن يوحنا بن ماسويه وحظي بإعجاب أستاذه حتى أنه جعله يقوم بتحضير العقاقير عنه,
ثم ذهب حنين إلى بلاد الروم فتعلم اليونانية وأتقنها حتى قيل إنه كان يحفظ إلياذة هوميروس,
كذلك ذهب إلى بلاد الفرس وتعلم الفارسية, وهكذا تمكن من السريانية وهي لغته ومن اليونانية والفارسية والعربية, ورحل بعد ذلك إلى بغداد وحصل على رعاية جبرائيل بن بختيشوع,
وأخذ يترجم العلوم اليونانية إلى العربية, وبهرت ترجماته جبرائيل فقدمه إلى محمد وأحمد والحسن أولاد موسى بن شاكر وهم آنئذ رعاة العلم ومن المتقدمين في الرياضة والهندسة والفلك,
فقدموه إلى المأمون فجعله قيما على (دار الحكمة) ووضع بين يديه مترجمين,
فكان حنينيراجع ما يترجمونه من كتب.
كان المأمون يعطي حنينا من الذهب زنة ما ينقله إلى العربية من الكتب, فكان يختار لكتبه أغلظ الورق, ويأمر كتابه أن يخطوها بالأحرف الكبيرة ويفسحوا بين السطور, لكي ينال أكبر قدر من الذهب, فجمع بذلك ثروة طائلة.
عاصر حنين تسعة من خلفاء بني العباس: المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي والمعتمد.
غضب عليه المتوكل لأنه أراد أن يصنع له سما لخصومه فامتنع وقال له:
إنني تعلمت صنع الأدوية النافعة, فسجنه المتوكل وصادر أمواله ثم أطلق سراحه وأعاد إليه أمواله وضاعفها له,
ويقال إن المتوكل أراد أن يمتحن حنينا على تمسكه بالتقاليد المتعارف عليها في صناعة الطب. والقول الراجح أن المتوكل مرض فلم يقدر الأطباء على معالجته فدعا حنينا من السجن, فعالجه فبرئ من مرضه, فعفا عنه وأطلقه ورد إليه أمواله.
كان حنينلا يؤمن بعبادة (الأقانيم) أي صور وتماثيل المسيح وأمه مريم وقد تفل ذات يوم على أيقونة للمسيح ومعه أمه, فأهانه الجاثليق (رئيسه الديني) وحرمه, فاغتم ومات منتحرا بالسم عن 66 عاما.
لحنين كتب ومترجمات عديدة تزيد على المائة أهمها: كتاب (مادة الطب) وهو المدخل إلى الطب ترجمه عن كتاب الطبيب اليوناني (ديوسقوريدس) . كما ترجم إلى العربية جميع آثار الطبيب اليوناني (جالينوس) وإليه يرجع الفضل في تبؤ (جالينوس) أسمى مقام في الشرق خلال العصور الوسطى, وله كتاب (الأغذية) , والضوء وحقيقته, وكتاب في الحميات, وكتاب في أوجاع المعدة, وكتاب في حفظ الأسنان واللثة, وكتاب في حفظ الصحة, وكتاب في البيطرة, وعشر مقالات في أمراض العين وغير ذلك من الكتب.