فصل في تركه الصلاة على قاتل نفسه وعلى الغال وذكر الصلاة على المرجوم
فصل
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ، أنه لا يصلي على من قتل نفسه ، ولا على من غل من الغنيمة .
واختلف عنه في الصلاة على المقتول حداً ، كالزاني المرجوم ، فصح عنه أنه صلى الله عليه وسلم صلى على الجهنية التي رجمها ، فقال عمر : تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت ؟ فقال : " لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى " . ذكره مسلم .
وذكر البخاري في صحيحه ، قصة ماعز بن مالك وقال : فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيراً وصلى عليه وقد اختلف على الزهري في ذكر الصلاة عليه ، فأثبتها محمود بن غيلان ، عن عبد الرزاق عنه ، وخالفه ثمانية من أصحاب عبد الرزاق ، فلم يذكروها ، وهم : إسحاق بن راهويه ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، ونوح بن حبيب ، والحسن بن علي ، ومحمد بن المتوكل ، وحميد بن زنجويه ، و أحمد بن منصور الرمادي .
قال البيهقى : وقول محمود بن غيلان : إنه صلى عليه ، خطأ لإجماع أصحاب عبد الرزاق على خلافه ، ثم إجماع أصحاب الزهري على خلافه .
وقد اختلف في قصة ماعز بن مالك ، فقال أبو سعيد الخدري : ما استغفر له ولا سبه ، وقال بريدة بن الحصيب : إنه قال : " استغفزوا لماعز بن مالك " . فقالوا : غفر الله لماعز بن مالك . ذكرهما مسلم . وقال جابر : فصلى عليه ، ذكره البخاري ، وهو حديث عبد الرزاق المعلل ، وقال أبو برزة الأسلمي : لم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم ينه عن الصلاة عليه ، ذكره أبو داود . قلت : حديث الغامدية ، لم يختلف فيه أنه صلى عليها . و حديث ماعز ، إما أن يقال : لا تعارض بين ألفاظه ، فإن الصلاة فيه : هي دعاؤه له بأن يغفر الله له ، وترك الصلاة فيه هي تركه الصلاة على جنازته تأديباً وتحذيراً ، وإما أن يقال : إذا تعارضت ألفاظه ، عدل عنه إلى حديث الغامدية .