منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 143  ]
قديم 04-29-2006, 01:31 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
فصل في هديه الإسراع بتجهيز الميت

فصل
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم الإسراع بتجهيز الميت إلى الله ، وتطهيره ، وتنظيفه ، وتطييبه ، وتكفينه في الثياب البيض ، ثم يؤتى به إليه ، فيصلي عليه بعد أن كان يدعى إلى الميت عند احتضاره ، فيقيم عنده حتى يقضي ، ثم يحضر تجهيزه ، ثم يصلي عليه ، ويشيعه إلى قبره ، ثم رأى الصحابة أن ذلك يشق عليه ، فكانوا إذا قضى الميت ، دعوه ، فحضر تجهيزه ، وغسله ، وتكفينه . ثم رأوا أن ذلك يشق عليه ، فكانوا هم يجهزون ميتهم ، ويحملونه إليه صلى الله عليه وسلم على سريره ، فيصلي عليه خارج المسجد .
ولم يكن من هديه الراتب الصلاة عليه في المسجد ، وإنما كان يصلي على الجنازة خارج المسجد ، وربما كان يصلي أحياناً على الميت في المسجد ، كما صلى على سهيل بن بيضاء وأخيه في المسجد . ولكن لم يكن ذلك سنته وعادته ، وقد روى أبو داود في سننه من حديث صالح مولى التوأمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى على جنازة في المسجد فلا شئ له ". وقد اختلف في لفظ الحديث ، فقال الخطيب في روايته لكتاب السنن : في الأصل " فلا شئ عليه " وغيره يرويه "فلا شئ له " وقد رواه ابن ماجه في سننه ولفظه : "فليس له شئ ". ولكن قد ضعف الإمام أحمد وغيره هذا الحديث ، قال الإمام أحمد : هو مما تفرد به صالح مولى التوأمة ، وقال البيهقي : هذا حديث يعد في أفراد صالح ، وحديث عائشة أصح منه ، وصالح مختلف فى عدالته ، كان مالك يجرحه ، ثم ذكر عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، أنه صلى عليهما في المسجد .
قلت : وصالح ثقة في نفسه ، كما قال عباس الدوري عن ابن معين : هو ثقة في نفسه . وقال ابن أبي مريم ويحيى : ثقة حجة ، فقلت له : إن مالكاً تركه ، فقال : إن مالكاً أدركه بعد أن خرف ، والثوري إنما أدركه بعد أن خرف ، فسمع منه ، لكن ابن أبي ذئب سمع منه قبل أن يخرف . وقال علي بن المديني : هو ثقة إلا أنه خرف وكبر فسمع منه الثوري بعد الخرف وسماع ابن أبي ذئب منه قبل ذلك . وقال ابن حبان : تغير في سنة خمس وعشرين ومائة ، وجعل يأتي بما يشبه الموضوعات عن الثقات ، فاختلط حديثه الأخير بحديثه القديم ولم يتميز ، فاستحق الترك انتهى كلامه .
وهذا الحديث : حسن ، فإنه من رواية ابن أبي ذئب عنه ، وسماعه منه قديم قبل اختلاطه ، فلا يكون اختلاطه موجباً لرد ما حدث به قبل الاختلاط . وقد سلك الطحاوي في حديث أبي هريرة هذا ، وحديث عائشة مسلكاً آخر ، فقال : صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء في المسجد منسوخة ، وترك ذلك آخر الفعلين من رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل إنكار عامة الصحابة ذلك على عائشة ، وما كانوا ليفعلوه إلا لما علموا خلاف ما نقلت . ورد ذلك على الطحاوي جماعة ، منهم : البيهقي وغيره . قال البيهقي : ولو كان عند أبي هريرة نسخ ما روته عائشة ، لذكره يوم صلي على أبي بكر الصديق في المسجد ، ويوم صلي على عمر بن الخطاب فى المسجد ، ولذكره من أنكر على عائشة أمرها بإدخاله المسجد ، ولذكره أبو هريرة حين روت فيه الخبر ، وإنما أنكره من لم يكن له معرفة بالجواز ، فلما روت فيه الخبر ، سكتوا ولم ينكروه ، ولا عارضوه بغيره .
قال الخطابي : وقد ثبت أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما صلي عليهما في المسجد ، ومعلوم أن عامة المهاجرين والأنصار شهدوا الصلاة عليهما ، وفي تركهم الإنكار الدليل على جوازه ، قال : ويحتمل أن يكون معنى حديث أبي هريرة إن ثبت ، متأولاً على نقصان الأجر ، وذلك أن من صلى عليها في المسجد ، فالغالب أنه ينصرف إلى أهله ولا يشهد دفنه ، وأن من سعى إلى الجنازة ، فصلى عليها بحضرة المقابر ، شهد دفنه ، وأحرز أجر القيراطين ، وقد يؤجر أيضاً على كثرة خطاه ، وصار الذي يصلي عليه في المسجد منقوص الأجر بالإضافة إلى من يصلي عليه خارج المسجد . وتأولت طائفة معنى قوله : " فلا شئ له " ، أي فلا شئ عليه ، ليتحد معنى اللفظين ، ولا يتناقضان كما قال تعالى : " وإن أسأتم فلها " ( الإسراء : 7) ، أي : فعليها ، فهذه طرق الناس في هذين الحديثين .
والصواب ما ذكرناه أولاً ، وأن سنته وهديه الصلاة على الجنازة خارج المسجد إلا لعذر ، وكلا الأمرين جائز ، والأفضل الصلاة عليها خارج المسجد . والله أعلم .