منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 04-29-2006, 01:30 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
فصل في هديه في الجنائز والصلاة عليها

فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في الجنائز والصلاة عليها ، واتباعها ، ودفنها ، وما كان يدعو به للميت في صلاة الجنازة وبعد الدفن وتوابع ذلك
كان هديه صلى الله عليه وسلم في الجنائز أكمل الهدي ، مخالفاً لهدي سائر الأمم ، مشتملاً على الإحسان إلى الميت ومعاملته بما ينفعه في قبره ويوم معاده ، وعلى الإحسان إلى أهله وأقاربه ، وعلى إقامة عبودية الحي لله وحده فيما يعامل به الميت . وكان من هديه في الجنائز إقامة العبودية للرب تبارك وتعالى على أكمل الأحوال ، والإحسان إلى الميت ، وتجهيزه إلى الله على أحسن أحواله وأفضلها ، ووقوفه ووقوف أصحابه صفوفاً يحمدون الله ويستغفرون له ، ويسألون له المغفرة والرحمة والتجاوز عنه ، ثم المشي بين يديه إلى أن يودعوه حفرته ، ثم يقوم هو وأصحابه بين يديه على قبره سائلين له التثبيت أحوج ما كان إليه ، ثم يتعاهده بالزيارة له في قبره ، والسلام عليه ، والدعاء له كما يتعاهد الحي صاحبه في دار الدنيا .
فأول ذلك : تعاهده في مرضه ، وتذكيره الآخرة ، وأمره بالوصية ، والتوبة ، وأمر من حضره بتلقينه شهادة أن لا إله إلا الله لتكون آخر كلامه ، ثم النهي عن عادة الأمم التي لا تؤمن بالبعث والنشور ، من لطم الخدود ، وشق الثياب ، وحلق الرؤوس ، ورفع الصوت بالندب ، والنياحة وتوابع ذلك .
وسن الخشوع للميت ، والبكاء الذي لا صوت معه ، وحزن القلب ، وكان يفعل ذلك ويقول : " تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب " .
وسن لأمته الحمد والاسترجاع ، والرضى عن الله ، ولم يكن ذلك منافياً لدمع العين وحزن القلب ، ولذلك كان أرضى الخلق عن الله في قضائه ، وأعظمهم له حمداً ، وبكى مع ذلك يوم موت ابنه إبراهيم رأفة منه ، ورحمة للولد ، ورقة عليه ، والقلب ممتلئ بالرضى عن الله عز وجل وشكره ، واللسان مشتغل بذكره وحمده .
ولما ضاق هذا المشهد والجمع بين الأمرين على بعض العارفين يوم مات ولده ، جعل يضحك ، فقيل له : أتضحك في هذه الحالة ؟ قال : إن الله تعالى قضى بقضاء ، فأحببت أن أرضى بقضائه ، فأشكل هذا على جماعة من أهل العلم ، فقالوا : كيف يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات ابنه إبراهيم وهو أرضى الخلق عن الله ، ويبلغ الرضى بهذا العارف إلى أن يضحك ، فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : هدي نبينا صلى الله عليه وسلم كان أكمل من هدي هذا العارف ، فإنه أعطى العبودية حقها ، فاتسع قلبه للرضى عن الله ، ولرحمة الولد ، والرقة عليه ، فحمد الله ، ورضي عنه في قضائه ، وبكى رحمة ورأفة ، فحملته الرأفة على البكاء ، وعبوديته لله ، ومحبته له على الرضى والحمد ، وهذا العارف ضاق قلبه عن اجتماع الأمرين ، ولم يتسع باطنه لشهودهما والقيام بهما ، فشغلته عبودية الرضى عن عبودية الرحمة والرأفة .