حوادث سنة خمس وثلاثين :
ثم دخلت السنة الخامسة والثلاثون .
وفيها : مات من الصحابة عمار بن ربيعة ، أسلم قديماً وشهد بدراً رضي الله عنه .
وفيها : كان خروج جماعة من أهل مصر ومن وافقهم على عثمان . وأهل الفتنة ومنبعها : كان من عبد الله بن سبأ -رجل يهودي من أهل صنعاء ، أظهر الإسلام ليخفي به حقده عليه وكفره به في زمن عثمان- وكان ينتقل في بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم . فبدأ بالحجاز ، ثم البصرة ، ثم الكوفة ، ثم الشام ، فلم يقدر على ما يريد . فأخرجوه حتى أتى مصر ، فغمز على عثمان ، وقاد الفتنة . وأشعل نارها ، محادة لله ولرسوله ، حتى كانت البلية الكبرى بمحاصرة عثمان رضي الله عنه واغتياله ، وهو يتلو كتاب الله تعالى . وكان بيد أولئك المجرمين الخوارج في ذي الحجة من هذه السنة ، رضي الله عنه .
وبقتله وقعت الفتنة العظيمة التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والناس في بقايا من شرها إلى اليوم .
ويروى : أن عثمان رضي الله عنه صلى في الليلة التي حوصر فيها ونام ، فأتاه آت في منامه ، فقال له : قم فاسأل الله أن يعيذك من الفتنة التي أعاذ منها صالحي عباده . فقام فصلى ، ودعاه فاشتكى ، فما خرج إلا جنازته .
قال أهل السير : لما كان من أمر عثمان ما كان ، قعد علي بن أبي طالب في بيته ، فأتاه الناس ، وهم يقولون : علي أمير المؤمنين ، فقال : ليس ذلك إليكم ، إنما هو إلى أهل بدر . فأتاه أهل بدر ، فلما رأى ذلك علي خرج فبايعه الناس ولم يدخل في طاعته معاوية وأهل الشام ، فهم علي بالشخوص إليهم .