فتح القادسية :
فلما انحسر الشتاء سار سعد إلى القادسية ، وكتب إلى عمر يستمده . فبعث إليه المغيرة بن شعبة ، في جيش من أهل المدينة ، وكتب إلى أبي عبيدة : أن يمده بألف . وسمع بذلك رستم بن الفرخزاد. فخرج بنفسه في مائة وعشرين ألفاً. سوى التبع والرقيق، حتى نزل القادسية ، وبينه وبين المسلمين جسر القادسية، وقيل : كانوا ثلاثمائة ألف ، ومعهم ثلاثة وثلاثون فيلاً. واجتمع المسلمون حتى صاروا ثلاثين ألفاً ، فكانت وقعة القادسية المشهورة التي نصر الله فيها المسلمين ، وهزم المشركين . فلما هزم الله الفرس ، كتب عمر إلى سعد : أن أعد للمسلمين دار هجرة ، وإنه لا يصلح العرب إلا حيث يصلح للبعير والشاء ، وفي منابت العشب، فانظر فلاة إلى جانب بحر. فبعث سعد عثمان بن حنيف ، فارتاد لهم موضع الكوفة ، فنزلها سعد بالناس ، ثم كتب عمر إلى سعد :أن ابعث إلى أرض الهند -يريد البصرة- جنداً ، فلينزلوها. فبعث إليها عتبة بن غزوان في ثلاثمائة رجل حتى نزلها . وهو الذي بصر البصرة .
وفي هذه السنة : كانت وقعة اليرموك المشهورة بالشام . وخرج عمر إلى الشام ، ونزل الجابية ، فصالح نصارى بيت المقدس - وكانوا قد أبوا أن يجيبوا إلى الصلح مع أبي عبيدة ، حتى يكون عمر يعقدون الصلح معه- فصالحهم . واشترط عليهم إجلاء الروم إلى ثلاث ، واجتمع إليه أمراء الأجناد . فلما رجع إلى المدينة وضع الديوان ، فأعطى العطايا على مقدار السابقة . فبدأ بالعباس ، حرمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بالأقرب فالأقرب .