موت الصديق رضي الله عنه :
وفي هذه السنة : مات الصديق ، ليلة الثلاثاء ، لسبع عشرة ليلة مضت من جمادى الآخرة .
وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر ، واثنتين وعشرين ليلة .
واستخلف على الناس عمر بن الخطاب ، وقال : اللهم إني وليتهم خيرهم ، ولم أرد بذلك إلا إصلاحهم . ولم أرد محاباة عمر ، فأخلفني فيهم ، فهم عبادك ، ونواصيهم بيدك ، أصلح لهم واليهم ، واجعله من خلفائك الراشدين ، يتبع هدى نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأصلح له رعيته. ثم دعاه ، فقال : يا عمر ! إن لله حقاً في الليل لا يقبله في النهار ، وحقاً في النهار لا يقبله في الليل . وإنها لا تقبل نافلة حتى تؤدى فريضة ، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه باتباعهم الحق ، وثقله عليهم . وحق لميزان لا يوضع فيه غير الحق غداً أن يكون ثقيلاً . فإذا حفظت وصيتي ، لم يكن غائب أحب إليك من الموت ، وهو نازل بك . وإن ضيعتها ، فلا غائب أكره إليك منه ، ولست تعجزه .
وورث منه أبوه أبو قحافة السدس ، ولما ورد كتاب أبي بكر رضي الله عنه إلى أمراء الأجناد باستخلاف عمر بايعوه . ثم ساروا إلى فحل بناحية الأردن ، وقد اجتمع بها الروم . فكانت وقعة فحل المشهورة ، ونصر الله المسلمين ، وانحاز المشركون إلى دمشق .