منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - بحث((( موسوعة سيرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام )))
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 119  ]
قديم 04-26-2006, 07:46 PM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
غزوة حنين :

قال ابن إسحاق : لما سمعت هوازن بالفتح ، جمعها مالك بن عوف النصري مع هوازن ثقيف كلها .
فلما أجمع مالك السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ساق مع الناس أموالهم ونساءهم وذراريهم ، فلما نزل بأوطاس ، اجتمعوا إليه . وفيهم دريد بن الصمة الجشمي ، وهو شيخ كبير ، ليس فيه إلا رأيه ، وكان شجاعاً مجرباً . فقال : بأي واد أنتم ؟ قالوا : بأوطاس. قال : نعم مجال الخيل، لا حزن ضرس، ولا سهل دهس . ما لي أسمع رغاء البعير ، ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ، ويعار الشاء؟ قالوا : ساق مالك مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم . قال : أين مالك ؟ فدعي له ، فقال : إنك قد أصبحت رئيس قومك ، وإن هذا يوم له ما بعده من الأيام ، فلم فعلت هذا ؟ قال : أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ، ليقاتل عنهم. قال : راعي ضأن والله ، وهل يرد المنهزم شئ؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك : فضحت في أهلك ومالك . ثم قال : ما فعلت كعب وكلاب ؟ قالوا: لم يشهدها منهم أحد . قال : غاب الحد والجد ، لو كان يوم علاء ورفعة لم يغيبوا، ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب ، فمن شهدها ؟ قالوا : عمرو بن عامر ، وعوف بن عامر . قال : ذانك الجذعان من عامر ، لا ينفعان ولا يضران . يا مالك ! إنك لم تصنع بتقديم البيضة -بيضة هوازن- إلى نحور الخيل شيئاً ، ارفعهم إلى ممتنع بلادهم ، وعليا قومهم ، ثم الق الصباء على متون الخيل . فإن كانت لك : لحق بك من وراءك ، وإن كانت عليك ألفاك ذاك وقد أحرزت أهلك ومالك .
قال . والله لا أفعل ، إنك قد كبرت وكبر عقلك ، والله لتطيعنني يا معشر هوازن ، أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري . وكره أن يكون لدريد فيها ذكر ، أو رأي .
قالوا : أطعناك ، فقال دريد : هذا يوم لم أشهده ، ولم يفتني .
ياليتني فيها جذع أخب فيها وأضع
أقود وطفاء الزمع كأنها شاة صدع
ثم قال مالك : إذ رأيتموهم ، فاكسروا جفون سيوفكم ، ثم شدوا شدة رجل واحد . ثم بعث عيوناً من رجاله ، فأتوه وقد تفرقت أوصالهم من الرعب والهلع . فقال لهم : ويلكم ، ما شأنكم ؟ قالوا : رأينا رجالاً بيضاً على خيل بلق ، والله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى ، فوالله ما رده ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد . ولما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . بعث إليهم عبد الله بن حدرد الأسلمي . وأمره أن يداخلهم حتى يعلم علمهم . فانطلق . فداخلهم حتى علم ما هم عليه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره الخبر .
فلما أراد المسير ، ذكر له : أن عند صفوان بن أمية أدراعاً وسلاحاً -وهو يومئذ مشرك-، فقال له : يا أبا أمية ! أعرنا سلاحك هذا ، نلق فيه عدونا غداً، فقال : أغصباً يا محمد ؟ قال : بل عارية مضمونة ، حتى نؤديها إليك، فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح .
فخرج صلى الله عليه وسلم ، ومعه ألفان من أهل مكة ، وعشرة آلاف من أصحابه الذين فتح الله بهم مكة، فكانوا اثني عشر ألفاً. واستعمل عتاب بن أسيد على مكة . فلما استقبلوا وادي حنين ، انحدروا في واد من أودية تهامة أجوف في عماية الصبح . قال جابر : وكانوا قد سبقونا إليه ، فكمنوا في شعابه ومضايقه ، قد تهيئوا . فوالله ما راعنا إلا الكتائب ، قد شدوا علينا شدة رجل واحد ، فانشمر الناس راجعين لا يلوي أحد على أحد . وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ، ثم قال :أيها الناس ! أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبد الله، وبقي معه نفر من المهاجرين ، وأهل بيته ، فاجتلد الناس فوالله ما رجعت الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسرى عند رسول الله .
وكانوا حين رأوا كثرتهم قالوا : لن نغلب اليوم عن قلة ، فوقع بهم ما وقع من ابتلاء الله لقولهم ذلك .
قال ابن إسحق : ولما وقعت الهزيمة تكلم رجال من جفاة أهل مكة بما في أنفسهم من الضغن ، فقال أبو سفيان : لا تنتهي هزيمتهم دون البحر ، وصرخ جبلة بن الحنبل : ألا بطل السحر اليوم . فقال له أخوه صفوان بن أمية -وكان بعد مشركاً- : اسكت ، فض الله فاك ، فوالله لأن يريبي رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن .
وذكر ابن إسحاق عن شيبة بن عثمان الحجبي ، قال : لما كان يوم الفتح قلت : أسير مع قريش إلى هوازن ، لعلي أصيب من محمد غرة. فأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها، وأقول : لو لم يبق من العرب والعجم أحد إلا تبعه ، ما اتبعته أبداً. فلما اختلط الناس ، اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته وأصلت السيف ، فدنوت أريد ما أريد ، ورفعت سيفي حتى كدت أسوره . فرفع لي شواظ من نار كالبرق ، كاد أن يمحشني . فوضعت يدي على بصري خوفاً عليه ، فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فناداني : يا شيب ، أدن مني ، فدنوت منه ، فمسح صدري . ثم قال : اللهم أعذه من الشيطان ، فو الله لهو كان ساعئذ أحب إلي من سمعي وبصري ونفسي . ثم قال : أدن ، فقاتل ، فتقدمت أمامه أضرب بسيفي . الله يعلم أني أحب أن أقيه بنفسي . ولو لقيت تلك الساعة أبي لأوقعت به السيف . فجعلت ألزمه فيمن لزمه ، حتى تراجع الناس، وكروا كرة رجل واحد. وقربت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستوى عليها. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرهم حتى تفرقوا [في كل وجه] ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معسكره ، فدخل خباءه ، فدخلت عليه ، ما دخل عليه غيري ، حباً لرؤية وجهه ، وسروراً به ، فقال : يا شيب ! الذي أراد الله لك ، خير من الذي أردت لنفسك .
قال العباس : إني لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم -وكنت امرءاً جسيماً شديد الصوت- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - حين رأى ما رأى من الناس- : إلي أيها الناس ، أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب ، فلم أر الناس يلوون على شئ ، فقال : أي عباس ، اهتف بأصحاب السمرة ، فناديت : يا أصحاب السمرة ! يا أصحاب سورة البقرة ! فكان الرجل يريد أن يرد بعيره فلا يقدر ، فيأخذ سلاحه ، ويقتحم عن بعيره ، ويخلي سبيله ، ويؤم الصوت ، فأتوا من كل ناحية : لبيك ، لبيك ، حتى إذا اجتمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم مائة استقبلوا الناس، فاقتتلوا ، فكانت الدعوة أولاً : يا للأنصار، يا للأنصار، ثم خلصت الدعوة : يا لبني الحارث بن الخزرج ، وكانوا صبراً عند الحرب .
وفي صحيح مسلم : "ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات ، فرمى بها وجوه القوم ، ثم قال : انهزموا ، ورب محمد، فما هو إلا أن رماهم ، فما زلت أرى حدهم كليلاً ، وأمرهم مدبراً" .
ولما انهزم المشركون أتوا الطائف ، ومعهم مالك بن عوف . وعسكر بعضهم بأوطاس . وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثر من توجه نحو أوطاس أبا عامر الأشعري ، فأدرك بعضهم فناوشوه القتال ، فهزمهم الله تعالى . وقتل أبو عامر، فأخذ الراية أبو موسى الأشعري ، فلما بلغ الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : اللهم أغفر لأبي عامر وأهله ، وأجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك .
[وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبي والغنائم أن تجمع ، وكان السبي ستة آلاف رأس ، والإبل : أربعة وعشرين ألفاً ، والغنم : أربعين ألف شاة ، وأربعة آلاف أوقية فضة ، فاستأنى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم] .
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقدموا موالين مسلمين ، بضع عشرة ليلة . ثم بدأ بالأموال فقسمها . وأعطى المؤلفة قلوبهم أول الناس . فأعطى أبا سفيان مائة من الإبل ، وأربعين أوقية. وأعطى ابنه يزيد مثل ذلك وأعطى ابنه معاوية مثل ذلك. وأعطى حكيم بن حزام مائة من الإبل ، ثم سأله مائة أخرى فأعطاه ، وذكر ابن إسحاق أصحاب المائة وأصحاب الخمسين .
ثم أمر زيد بن ثابت بإحصاء الغنائم والناس ، ثم فضها على الناس .
قال ابن إسحاق : حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : "لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعطى من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب ، ولم يكن في الأنصار منها شئ ، وجدت الأنصار في أنفسهم ، حتى كثرت منهم القالة ، حتى قال قائلهم : لقي والله رسول الله قومه . فدخل عليه سعد بن عبادة ، فذكر له ذلك ؟ فقال :فأين أنت من ذلك يا سعد؟، قال: يا رسول الله ! ما أنا إلا من قومي . قال : فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة، فجاء رجال من المهاجرين ، فتركهم فدخلوا . وجاء آخرون فردهم ، فلما اجتمعوا أتاه سعد فأخبره . فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : يا معشر الأنصار ، ما مقالة بلغتني عنكم ؟ وجدة وجدتموها في أنفسكم ؟ ألم آتكم ضلالاً، فهداكم الله بي ؟ وعالة فأغناكم الله بي ؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم بي، قالوا : الله ورسوله أمن وأفضل. ثم قال : ألا تجيبوني ، يا معشر الأنصار؟ .
قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ ولله ولرسوله المن والفضل .
قال : أما والله ، لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم ، أتيتنا مكذباً فصدقناك ، ومخذولاً فنصرناك ، وطريداً فآويناك ، وعائلاً فآسيناك . أوجدتم علي يا معشر الأنصار! في أنفسكم في لعاعة من الدنيا، تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم ؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار : أن يذهب الناس بالشاء والبعير، وترجعون أنتم برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده ! لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به ، ولولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار . ولو سلك الناس شعباً ووادياً، وسلكت الأنصار شعباً ووادياً، لسلكت شعب الأنصار وواديها . الأنصار شعار ، والناس دثار اللهم أرحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار. قال : فبكى القوم ، حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا : رضينا برسول الله قسماً وحظاً ". ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقوا.
وقدمت الشيماء بنت الحارث -أخت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الرضاعة- فقالت : يا رسول الله ! أنا أختك . فبسط لها رداءه . وأجلسها عليه . وقال : إن أحببت فعندي مكرمة ، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك. فقالت : بل تمتعني ، وتردني إلى قومي . ففعل وأسلمت . فأعطاها ثلاثة أعبد وجارية ونعماً وشاء .