أسارى بدر :
واسشتار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في الأسرى ، وهم سبعون ، وكذلك القتلى سبعون أيضاً . فأشار الصديق : أن يؤخذ منهم فدية ، تكون لهم قوة ، ويطلقهم لعل الله يهديهم للإسلام . فقال عمر : لا والله ، ما أرى ذلك ، ولكني أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم ، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديد الشرك ، فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ، فقال : إن الله عز وجل ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللين ، وإن الله عز وجل ليشدد قلوب رجال فيه ، حتى تكون أشد من الحجارة . وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم ؟ إذ قال : " فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم " ، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى ، إذ قال : " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم " ، وإن مثلك يا عمر كمثل موسى ، قال: " ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم " ، وإن مثلك يا عمر كمثل نوح ، قال : " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " ، ثم قال : أنتم اليوم عالة ، فلا ينفلتن منهم أحد إلا بفداء ، أو ضرب عنق ، فأنزل الله تعالى : " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض " الآيتين .
قال عمر : "فلما كان من الغد ، غدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو قاعد -هو وأبو بكر- يبكيان ، فقلت : يا رسول الله ! أخبرني ما يبكيك وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد تباكيت لبكائكما . فقال : أبكي للذي عرض علي أصحابك من الغد : من أخذهم الفداء ، فقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة -لشجرة قريبة منه صلى الله عليه وسلم- وقال : لو نزل عذاب ما سلم منه إلا عمر" .
وقال الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم : نريد أن نترك لابن أختنا العباس فداءه ، فقال : لا تدعوا منه درهماً .
ثم دخلت السنة الثالثة من الهجرة