فصل في الهجرة :
قد ذكرنا : أنه صلى الله عليه وسلم كان يوافي الموسم كل عام ، يتبع الحاج في منازلهم ، وفي عكاظ وغيرهم ، يدعوهم إلى الله ، فلم يجبه أحد منهم ، ولم يؤوه .
فكان مما صنع الله لرسوله : أن الأوس والخزرج كانوا يسمعون من حلفائهم يهود المدينة : أن نبياً يبعث في هذا الزمان ، فنتبعه ونقتلكم معه قتل عاد .
وكانت الأنصار تحج ، كغيرها من العرب ، دون اليهود . فلما رأى الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الله ، وتأملوا أحواله ، قال بعضهم لبعض : تعلمون والله يا قوم أن هذا الذي توعدكم به اليهود ، فلا يسبقنكم إليه. وقدر الله بعد ذلك : أن اليهود يكفرون به ، فهو قوله تعالى : " ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين " الآية بعدها .