عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وأما عبد الله ، والد النبي صلى الله عليه وسلم : فهو الذبيح . وسبب ذلك : أن عبد المطلب أمر في المنام بحفر زمزم ، ووصف له موضعها . وكانت جرهم قد غلبت آل إسماعيل على مكة ، وملكوها زماناً طويلاً ، ثم أفسدوا في حرم الله . فوقع بينهم وبين خزاعة حرب ، وخزاعة من قبائل اليمن ، من أهل سبأ، ولم يدخل بينهم بنو إسماعيل . فغلبتهم خزاعة ، ونفت جرهماً من مكة ، وكانت جرهم قد دفنت الحجر الأسود ، والمقام وبئر زمزم . وظهر بعد ذلك قصي بن كلاب على مكة ، ورجع إليه ميراث قريش ، فأنزل بعضهم داخل مكة - وهم قريش الأباطح - وبعضهم خارجها - وهم قريش الظواهر - فبقيت زمزم مدفونة إلى عصر عبد المطلب . فرأى في المنام موضعها ، فقام يحفر ، فوجد فيها سيوفاً مدفونة وحلياً، وغزالاً من ذهب مشنفاً بالدر. فعلقه عبد المطلب على الكعبة ، وليس مع عبد المطلب إلا ولده الحارث ، فنازعته قريش ، وقالوا له : أشركنا ، فقال : ما أنا بفاعل ، هذا أمر خصصت به ، فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه .
فنذر حينئذ عبد المطلب : لئن آتاه الله عشرة أولاد ، وبلغوا أن يمنعوه : لينحرن أحدهم عند الكعبة ، فلما تموا عشرة، وعرف أنهم يمنعونه أخبرهم بنذره فأطاعوه . وكتب كل منهم اسمه في قدح ، وأعطوها القداح قيم هبل -وكان الذي يجيل القداح- فخرج القدح على عبد الله ، وأخذ عبد المطلب المدية ليذبحه . فقامت إليه قريش من ناديها فمنعوه . فقال : كيف أصنع بنذري ؟ فأشاروا عليه : أن ينحر مكانه عشراً من الإبل . فأقرع بين عبد الله وبينها ، فوقعت القرعة عليه ، فاغتم عبد المطلب ، ثم لم يزل يزيد عشراً عشراً ، ولا تقع القرعة إلا عليه ، إلى أن بلغ مائة . فوقعت القرعة على الإبل ، فنحرت عنه ، فجرت سنة .
وروي "عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أنا ابن الذبيحين" ، يعني : إسماعيل عليه السلام وأباه عبد الله .
ثم ترك عبد المطلب الإبل لا يرد عنها إنساناً ولا سبعاً ، فجرت الدية في قريش والعرب مائة من الإبل ، وأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام . وقالت صفية بنت عبد المطلب :
نحن حفرنا للحجيج زمزم سقيا الخليل وابنه المكرم
جبريـل الذي لـم يذمم شفاء سقم وطعام مطعم