![]() |
صنم مناة :
ومن أقدم أصنامهم : مناة ، وكان منصوباً على ساحل البحر من ناحية المشلل ، بقديد بين مكة والمدينة . وكانت العرب تعظمه قاطبة ، ولم يكن أحد أشد تعظيماً له من الأوس والخزرج ، وبسبب ذلك أنزل الله تعالى : " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه عنه فدهمها عام الفتح |
صنم اللات :
ثم اتخذوا اللات في الطائف ، قيل : إن أصل ذلك رجل كان يلت السويق للحاج ، فمات . فعكفوا على قبره . وكانت صخرة مربعة ، وكان سدنتها ثقيف ، وكانوا قد بنوا عليها بيتاً ، فكان جميع العرب يعظمونها ، وكانت العرب تسمى زيد اللات ، وتيم اللات، وهي في موضع منارة مسجد الطائف . فلما أسلمت ثقيف ، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة فهدمها ، وحرقها بالنار |
صنم العزى :
ثم اتخذوا العزى ، وهي أحدث من اللات ، وكانت بوادي نخلة ، فوق ذات عرق ، وبنوا عليها بيتاً ، وكانوا يسمعون منها الصوت ، وكانت قريش تعظمها . فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، بعث خالد بن الوليد فأتاها فعضدها، وكانت ثلاث سمرات، فلما عضد الثالثة : فإذا هو بحبشية نافشة شعرها ، واضعة يدها على عاتقها ، تضرب بأنيابها ، وخلفها سادنها ، فقال خالد : يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك ثم ضربها ففلق رأسها ، فإذا هي حممة ، ثم قتل السادن |
صنم هبل :
وكانت لقريش أصنام في جوف الكعبة وحولها. وأعظمها : هبل ، وكان من عقيق أحمر على صورة الإنسان ، وكانوا إذا اختصموا، أو أرادوا سفراً : أتوه ، فاستقسموا بالقداح عنده . وهو الذي قال فيه أبو سفيان يوم أحد : "اعل هبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا : الله أعلى وأجل" . وكان لهم إساف ونائلة ، قيل أصلهما : أن إسافاً رجل من جرهم ، ونائلة امرأة منهم ، فدخلا البيت ، ففجر بها فيه . فمسخهما الله فيه حجرين ، فأخرجوهما فوضعوهما ليتعظ بهما الناس ، فلما طال الأمد وعبدت الأصنام : عبدا |
ذو الخلصة :
وكان لخثعم وبجيلة ودوس صنم يقال له : ذو الخلصة ، الذي كان بتبالة بين مكة واليمن . "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجرير بن عبد الله البجلي : ألا تريحني من ذي الخلصة ، فسار إليه بأحمس ، فقاتلته همدان ، فظفر بهم وهدمه" . وكان لقضاعة ولخم وجذام وعاملة وغطفان صنم في مشارف الشام . وكان لأهل كل واد بمكة صنم ، إذا أراد أحدهم سفراً كان آخر ما يصنع في منزله : أن يتمسح به |
صنم عم أنس :
قال ابن إسحاق : وكان لخولان صنم يقال له : عم أنس ، وفيهم أنزل الله : " وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون " . فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالتوحيد ، قالت قريش : " أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب " . وكانت العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت ، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة . ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة : وجد حول البيت ثلاثمائة وستين صنماً، فجعل يطعن في وجوهها وعيونها، ويقول: " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا "، وهي تتساقط على رؤوسها ، ثم أمر بها فأخرجت من المسجد وحرقت . رجعنا إلى سيرته صلى الله عليه وسلم ، فنقول |
بدء الوحي :
في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت : " أول ما بدىء برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي : الرؤيا الصادقة [في النوم] . فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء ، فيتحنث فيه -وهو التعبد- الليالي ذوات العدد ، قبل أن ينزع إلى أهله . ويتزود لذلك . ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى فجأه الحق ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك . فقال : اقرأ، فقلت : ما أنا بقارئ . قال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثانية ، حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثالثة ، ثم أرسلني ، فقال لي في الثالثة : " اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم " . فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده ، حتى دخل على خديجة بنت خويلد . فقال : زملوني ، زملوني . فزملوه حتى ذهب عنه الروع . فقال لخديجة -وأخبرها الخبر- لقد خشيت على نفسي ، فقالت خديجة : كلا والله ، ما يخزيك الله أبداً . إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتكسب المعدوم ، وتعين على نوائب الحق . فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى -ابن عم خديجة- وكان قد تنصر في الجاهلية . وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخاً كبيراً قد عمي . فقالت له خديجة : يا ابن عم ! اسمع من ابن أخيك . فقال له ورقة : يا ابن أخي ، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر مارأى . فقال له ورقة هذا الناموس الذي نزل الله على موسىص، يا ليتني فيها جذعاً ، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك ؟ قال : أو مخرجي هم ؟ قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي . وإن يدركني قومك أنصرك نصراً مؤزراً" . ثم أنشد ورقة : لججت وكنت في الذكرى لجوجا لهــم طالمـــا بعث النشيجــا ووصف من خديــــجة بعد وصـــف فقد طال انتظارى يا خديجا ببطن المكــتين على رجـــائــــــي حديثك أن أرى منـه خروجـا بما خبرتـــــنا من قــــول قس من الرهبان أكــره أن يعوجـــا بأن محـــمـــداً سيـــســود قـومـــا ويخصم من يكون له حجيجـاً ويظهر في البـــلاد ضيـــاء نـــور يقيم به البريــة أن تموجــــا فيلـــقى من يحــــاربه خســــــارا ويلقى من يســـالمه فلوجـــا فيـــا ليتنـــي إذا مـــا كــان ذاكم شهدت وكنت أولهم ولوجــا ولوجـــتاً بالذي كرهـــت قريـــش ولوعجت بمكتها عجــيجـــا أرجي بالذي كرهوا جميعاً إلى ذي العرش إن سفلوا عروجا وهل أمر السفالة غير كفــر بمــن يختار من سمــك البروجـــا فإن يبقوا وأبقى تكن أمور يضج الكـافرون لهـــا ضجيجـــا وإن أهلك فكل فتى سيلـقى من الأقــدار متلفـــــة خروجــــا فلم يلبث ورقة أن توفي [وزاد البخاري في رواية أخرى ، قال :] وفتر الوحي ، حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً ، حتى كان يذهب إلى رؤوس شواهق الجبال ، يريد أن يلقي بنفسه منها ، كلما أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل عليه السلام ، فقال : يا محمد ، إنك رسول الله حقاً ، فيسكن لذلك جأشه ، وتقر نفسه ، فيرجع ، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك ، فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى به جبريل ، فيقول له ذلك . "فبينما هو يوماً يمشي إذ سمع صوتاً من السماء . قال : فرفعت بصري ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، فرعبت منه ، فرجعت إلى أهلي . فقلت : دثروني ، دثروني ، فأنزل الله : " يا أيها المدثر * قم فأنذر " ، فحمي الوحي وتتابع |
أنواع الوحي :
وكان الوحي الذي يأتيه صلى الله عليه وسلم أنواعاً : أحدها : الرؤيا . قال عبيد بن عمر : رؤيا الأنبياء وحي ، ثم قرأ : " إني أرى في المنام أني أذبحك " . الثاني : ما كان الملك يلقيه في روعه -أي قلبه - من غير أن يراه ، كما قال صلى الله عليه وسلم : إن روح القدس نفث ، في روعي : " أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله ، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته" . الثالث : أن الملك يتمثل له رجلاً فيخاطبه ، وفي هذه المرتبة : كان يراه الصحابة أحياناً . الرابع : أنه كان يأتيه مثل صلصلة الجرس ، وهو أشده عليه . فيلتبس به الملك . حتى إن جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد . وحتى إن راحلته لتبرك به إلى الأرض . وجاءه مرة وفخذه على فخذ زيد بن ثابت ، فكادت ترض . الخامس : أن يأتيه الملك في الصورة التي خلق عليها . فيوحي إليه ما شاء الله ، وهذا وقع مرتين ، كما ذكر الله سبحانه في سورة النجم . السادس : ما أوحاه الله له فوق السموات ليلة المعراج ، من فرض الصلاة وغيرها . قال ابن القيم رحمه الله : أول ما أوحى إليه ربه : أن يقرأ باسم ربه الذي خلق . وذلك أول نبوته صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يقرأ في نفسه ولم يأمره بالتبليغ . ثم أنزل الله عليه : " يا أيها المدثر * قم فأنذر " فنبأه باقرأ، وأرسله : بيا أيها المدثر . ثم أمره : أن ينذر عشيرته الأقربين ، ثم أنذر قومه ، ثم أنذر من حولهم من العرب ، ثم أنذر العرب قاطبة ، ثم أنذر العالمين . فأقام بضع عشرة سنة ينذر بالدعوة من غير قتال ولا جزية . ويأمره الله بالكف والصبر . ثم أذن له في الهجرة ، وأذن له في القتال ، ثم أمره أن يقاتل من قاتله ، ويكف عمن لم يقاتله ، ثم أمره بقتال المشركين ، حتى يكون الدين كله لله |
أول من آمن :
ولما دعا إلى الله : استجاب له عباد الله من كل قبيلة ، فكان حائز السبق : صديق الأمة أبا بكر رضي الله عنه ، فوازره في دين الله ، ودعا معه إلى الله ، فاستجاب لأبي بكر عثمان وطلحة وسعد رضي الله عنهم . وبادر إلى استجابته أيضاً صديقة النساء خديجة رضي الله عنها . وبادر إلى الإسلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وكان ابن ثمان سنين ، وقيل : أكثر ، إذ كان في كفالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أخذه من عمه |
شأن زيد بن حارثة :
وبادر زيد بن حارثة رضي الله عنه ، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان غلاماً لخديجة ، فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها ، وقدم أبوه حارثة وعمه في فدائه . فقالا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا ابن سيد قومه ، أنتم أهل حرم الله وجيرانه ، تفكون العاني ، وتطعمون الأسير ، جئناك في ابننا عبدك ، فأحسن لنا في فدائه . فقال صلى الله عليه وسلم . فهلا غير ذلك ؟ قالوا : وما هو ؟ قال : أدعوه فأخيره ، فإن اختاركم فهو لكم ، وإن اختارني . فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني . قالوا : قد زدتنا على النصف ، وأحسنت . فدعاه . فقال : هل تعرف هؤلاء ؟ قال : نعم ، أبي وعمي . قال : فأنا من قد علمت . وقد رأيت صحبتي لك ، فاخترني ، أو اخترهما. فقال : ما أنا بالذي أختار عليك أحداً، أنت مني مكان أبي وعمى . فقالا : ويحك يا زيد ! أتختار العبودية على الحرية ، وعلى أبيك وعمك ، وأهل بيتك ؟ قال : نعم ، قد رأيت من هذا الرجل شيئاً ، ما أنا بالذي أختار عليه أحداً أبداً . فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، خرج إلى الحجر ، فقال : أشهدكم أن زيداً ابني ، أرثه ويرثني، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما ، فانصرفا . ودعي : زيد بن محمد ، حتى جاء الله بالإسلام فنزلت : " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " . قال الزهري : ما علمنا أحداً أسلم قبل زيد . وأسلم ورقة بن نوفل . وفي جامع الترمذي : "أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه في المنام في هيئة حسنة" . ودخل الناس في دين الله واحداً بعد واحد . وقريش لا تنكر ذلك ، حتى بادأهم بعيب دينهم وسب آلهتهم ، وأنها لا تضر ولا تنفع . فحينئذ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة . فحمى الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعمه أبي طالب . لأنه كان شريفاً معظماً ، وكان من حكمة أحكم الحاكمين : بقاؤه على دين قومه ، لما في ذلك من المصالح التي تبدو لمن تأملها . وأما أصحابه : فمن كان له عشيرة تحميه امتنع بعشيرته ، وسائرهم تصدوا له بالأذى والعذاب . منهم : عمار بن ياسر ، وأمه سمية ، وأهل بيته ، عذبوا في الله . "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بهم -وهم يعذبون- يقول :صبرا يا آل ياسر ! فإن موعدكم الجنة |
| الساعة الآن 02:01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
][ ملاحظة: جميع المشاركات تعبر عن رأي الكاتب فقط ولا تمثل راي ادارة المنتدى بالضرورة، نأمل من الجميع الالتزام بقوانين الحوار المحترم ][