| منتديات جعلان > جعلان للشعر والترفيه > ~{ مـٍدووًنـة ـأإعضـأإءً منتٍـديـآًت جًعـلآن | ||
| وگكل ثوؤَآنينآإ يْا خلي صصآإرت اليــوم ذگكرئ! | ||
| الملاحظات |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]()
غير متواجد
|
![]() «اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون» [صححه الألباني].
|
![]()
غير متواجد
|
مسلمات حديثات من جامعة "كاوست"، وقصصهن في الحج
الكاتب : متنوع بسم الله الرحمن الرحيم حج هذاالعام كان مختلفا بالنسبة لي لا لأني تنقلت بقطار المشاعر فحسب -جزى الله من فكربه وقام عليه خيرا- بل لأني التقيت بحديثات عهد بإسلام.. حلقن بي بعيدا عن أرض الواقع.. رأيت من حرصهن على حجهن الشيء العجيب.. تعلمت منهن الدروس واستلهمت العبر.. كان قلبي يقودني لمجلس الناطقات بغير اللغة العربية قودا رغم أن هناك مجالس للناطقات باللغة العربية إلا أن نفسي تهفو لهن، وما سأطبعه في الأسطر القادمة سينصب على بعض ما تعلمته منهم دون ذكر للأسماء: 1.....زنجية أمريكية سمراء البشرة تقبع في آخر المجلس بهدوء وسكينة.. لم أدخل على مجلسهم إلا وفي يدها كتاب أدعية تقرؤه أو مصحفا ترتله.. اجتمعتُ بأخواتها الناطقات بغير اللغة العربية في أكثر من محفل غير أنها تأبى الجلوس معنا.. أدهشني أمرها وحبها للعزلة.. وكأن لسان حالها: لا أريد سماع مواعظ البشر... أريد الانفراد بربي.. دعوني وشأني أناجي خالقي وسيدي.. دفعني فضولي لسؤال المترجمة عنها فأخبرتني بخبرها.. قرأتْ عن الإسلام قبل 20 سنة فاقتنعت به وعزمت على الدخول فيه فنازعتها نفسها في حب زوجها إما أن تتخلى عنه لأجل دينها الجديد الذي ستعتنقه أو تبقى معه رغم تعلقها بالإسلام، جاء المحك الحقيقي للولاء والبراء وهي لم تدلف باب الدين، غير أنها أبت أن تعتنقه دون أن تلم بتعاليمه بصورة مجملة.. حاولت إقناع زوجها ليتحول عن دينه فأبى!! فاختارت باب العبودية وكمال الاستسلام لمولاها وخالقها وفرطت في من أحبته حبا صادقا.. هذا هو الدين الحق إذا باشر القلوب وأذاقها حلاوة الإيمان يرغمها على الاستلام والإذعان بعز وافتخار.. دون تساهل أو تردد أو جدال. رأيتها في عرفة وهي تلح على الله بالدعاء بذل وانكسار.. فسألتُ المترجمة يوم العيد عن شعورها فقالت: "شعور لا يوصف..كانت تدعو بعرفة لطليقها زوجها السابق بأن يمن الله عليه بالإسلام"!! يالله ماأجمل الوفاء.. حين ذاقت لذة العبودية والانكسار تذكرت من أحبته في يوم ما وذكرت جميل عشرته وطيب مناقب هوحسن شمائله.. ولم ينسها عفو السنين وتعاقبها.. لله درك من امرأة وفية.. أحبت لغيرها ما أحبته لنفسها.. 2.....بلجيكية الجنسية شقراء الشعر، شديدة البياض، سماوية العينين، عمر إسلامها 4 أشهر فقط، كان سبب إسلامها قرب القريب من عباده!! زوجها مسلم منذ أكثر من 20 سنة، وتراه كلما أصابه هم أو غم أو احتاج أمرا أو أذنب ذنبا فزع لسجادته وناجى خالقه ومولاه.. وهي كلما أذنبت أو أصابها هم أو احتاجت أمرا انتظرت يوم الأحد لتذهب للكنيسة فتفضح نفسها عند القسيس وتخبره بكل مافي خاطرها.. فجلست جلسة مصارحة مع نفسها ذات يوم وقالت: "أي دين هذا الذي يجعل هناك واسطة بين العبد وربه؟"!! ربنا قريب يسمعنا.. ربنا يرانا.. لست بحاجة لقساوسة بعد اليوم وأشهرت إسلامها ثبتنا الله وإياها.. سألتني مغرب يوم عرفة: "متى سنذهب لمزدلفة"؟ فأخبرتها بعد قليل حين يحين موعد انطلاق حملتنا للقطار قالت: "ثم ماذا"؟ قلت: "ننام فإذا استيقظنا سرنا لرمي الجمرة في منى". قالت: "متى أقصر شعري"؟ قلت: "بعد الرمي نذهب لمنزلنا في الحملة لنقصر شعورنا قدر أنملة". قالت: "متى نذهب للطواف"؟ قلت: "اجمعي الإفاضة مع الوداع فهو أيسر لك، وأحفظ من كثرة مخالطة الرجال". قالت: |كلا!! سأنطلق للحرم وأطوف كما فعل نبينا -صلى الله عليه وسلم-".. ذلكم الإيمان الصادق إذا باشر القلب أبى إلا اتباع السنة بحذافيرها.. أخذت اعقد مقارنة بين حرصها رغم قصر عمر إسلامها مع بعض الأخوات في المجالس الأخرى اللاتي ولدن مسلمات في بيئة مسلمة وتربين في أرض التوحيد ومهبط الوحي ومع ذلك فيتتبعن الرخص في كل شيء، مع كمال نشاطهن وتمام عافيتهن، لكنها الرفاهية الزائدة اللاتي تربين عليها!! طلبتُ من المترجمة يوم العيد أن تسألها عن شعورها في عرفة؟ قالت: "شعور غريب جدا، شعرت بقرب ربي مني وكأنه أمامي"، ثم فاضت عينها بالدموع.. ثم أكملت قولها: "غير أني حزنت في مزدلفة حين وجدت الحملة قد وضعت لنا (رواقا) وفرشت لنا الأرض بالسجاد ووضعت الفرش والبطانيات وجهزت دورة مياة خاصة بنا، وأحضرت الأكل، نحن مجموعة بسيطة قدمت لنا هذه الخدمات المميزة أما غيرنا من كانوا خارج (رواق) حملتنا لا يملكون مانملك من الرفاهية، هل يوم القيامة سأكون من المميزين الذين تقدم لهم خدمات جليلة فلا يشعرون بالتعب كما يشعر غيرهم؟!!!!". أحسبها ممن يتذوق معاني الحج ولا أزكيها.. ثبتنا الله وإياها.. 3.....لبنانية الأصل فرنسية الجنسية واللغة، تتحدث اللغة الإنجليزية والفرنسية بطلاقة أما العربية فمكسرة كسورا مضاعفة، مسلمة بالإسم فقط، لم تصلي إلا قبل 7 سنوات..وحين اقتنعت بالصلاة سألت شيخا من شيوخ الفتاوى الشاذة هل يجب عليها الحجاب أثناء الصلاة؟ فأجابها: لا، لأنها تقابل ربها الذي يراها في كل أحوالها والحجاب لم يشرع إلا ليسترها عن نظر الأجانب إذا خرجت من منزلها، فكيف تستتر عن ربها؟!!! تعجبتْ من الأخوات حين يشرعن في الصلاة يبادرن للتستر فسألتهن بعفوية لم تفعلن ذلك؟ فأجبنها.. لم تقتنع حتى سألتني.. وكانت صاحبتها الفرنسية بجوارها تستمع لي فقالت بحرقة: "هل تعلم أمور ديني صعب مع عملي وبيتي"؟! "هل وجدت صعوبة يا أبرار أثناء تعلمك للشرع"؟ "هل وكيف ومتى...."؟ قلت لها: "لماذا تريدي تعلم الشريعة"؟ قالت: "حتى أقدم على ربي وقد عبدته كما أمر، وأحمي ديني من تلك الفتاوى الشاذة"! جملة نقشت في قلبي لو استشعرها كل طالب علم ما أظنه إلا سيسارع فيه.. ((أقدم على ربي وقد عبدته كما أمر، وأحمي ديني من تلك الفتاوى الشاذة)). 4....هندية الأصل أمريكية المولد والجنسية.. رأيت من حرصها على مجلس العلم ما يثلج الصدر وتلح علي ألا أبدأ الدرس إلا بوجودها.. وتكثر من الأسئلة دلالة حرصها على العلم وطلبه.. زادها الله وثبتها.. سألتهم في إحدى المجالس لماذا تقرأن القرآن.. تباينت الإجابات، غير أن إجابتها اقشعر لها جسدي حين قالت: "أقرأه لأشعر بالأمان والاحتواء على الرغم أني لا أفهم منه شيئا لكني أقرأ لتسكن نفسي وليطمئن قلبي".. ما أعظم كلام ربي!! {وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ ۚ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} [الأنبياء: 50]. {أَلَابِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. 5.....فلسطينية الأصل كندية المولد والجنسية تتقن اللغتين العربية والإنجليزية.. هي المترجمة لي – جزاها الله عني خيرا وفك أسر ابن خالتها (المحكوم عليه 75 سنة) وكل أسير – قالت جملة لازال صداها في أذني: "حين كنت أحدثهم عن مقاصد الحج وأنه صورة مصغرة ليوم القيامة، وإذ بإحدى الأخوات المشرفات تحمل كيكة العيد لمجلس الناطقات بغير اللغة العربية وتقطع علينا الدرس لتهنئنا بالعي دووضعت الكيكة وخرجت. فقالت تلك الأخت: "في الصباح حلوى (باتشي) وفي المساء (تورتة) العيد"! والله إنا في جهاد..حتى ونحن في الحج في المشهد المصغر ليوم القيامة تلحقنا الدنيا.. نحن تركناها خلفنا وهي تركض ورائنا لتفتنا بزينتها.. رباه اعصمنا..". اللهم آمين.. ختاماً: أوصي نفسي وإخواني وأخواتي طلاب العلم وطالباته بالحرص على تعلم اللغة السائدة لغة التخاطب بين الشعوب الغير عربية فإخواننا وأخواتنا في أمس الحاجة لنا ولما رزقنا الله فلا نبخل عليهم، فكم من الأمور هي من المسلمات لدينا إلا أن معرفتهم لها تعتبر كنزا ثمينا.. وأهيب بأخواتي في مدينة جدة وما حولها ممن يتمكن من زيارة الأخوات اللاتي رافقنني في الحج واللاتي يعملن في مدينة الملك عبدالله الجامعية بثول أن يبادرن بالتواصل معي لترتيب جداول مقننة في شرح الأصول الثلاثة والقواعد الأربعة وكتاب التوحيد وغيره.. فهن متعطشات جدا للعلم الشرعي والتفقه في الدين.. بعض الدروس المستقاة من حج عام 1432هـ.. تقبله الله أبرار بنت فهد
|
![]()
غير متواجد
|
عروس أبكت الحاضرين
الكاتب : شريفة الغامدي لم يكن في فكرِها من أمور دنياها شيءٌ سوى ذكر تلك الليلة المنتظرة، وبرغْم كلِّ التهُّيب والقلق الذي يعْتريها إلاَّ أنَّ شوقَها إليها كان طاغيًا على كل شيء، وظاهرًا لكلِّ مَن حولها، فحركاتُها وكلماتها وتعابير وجْهِها الَّذي لم تفارِقْه البسمة منذ تمَّ عقْد قرانِها، كلُّها تفضح ما تُحاول أن تُخفيه سلوى من فرحٍ وشوْقٍ ليوم الزِّفاف، فلقدْ كان قلْبُها الأبيض يتمرَّغ في أنْهار السُّرور الذي غمرَها حتَّى كادت رُوحُها تفيض من نواحيها فرحًا. تجاوزتْ سلوى الثَّامنة والعشرين من عمرِها وقد تزوَّج كلُّ أتْرابِها، من صديقاتٍ وقريباتٍ وأخوات، كانت تُلازِم كلاًّ منهنَّ وتُساعدها في زفافِها، شاركتْهنَّ جميعًا أفراحَهنَّ بسرورٍ واهتمامٍ غامرَين، حتَّى جاء اليوم الَّذي التفتتْ فيه حولَها ولاحظتْ أنَّه لم يبقَ سواها، ومع أنَّها لَم تكُن قد وصلتْ بعدُ إلى سنٍّ تَخشى فيها فوات القطار، إلاَّ أنَّها كانت ترى أنَّها الوحيدة التي لم يصِل الدَّور إليْها، ومازال القطار لا يَختارها محطَّةً يقِف فيها لتَلِجهُ، فيزفّها إلى حيث فارسُها المرتقب، لطالَما بقِيت ترْقبه يفتح أبوابَه في محطَّات بعيدة عنْها وتلج داخله عروس غيرها. ولكن ها هي أخيرًا صافرة القطار تُطلق صفيرَها، ويتردَّد صداه في الأرْجاء مُعلنًا أنَّه هنا قرَّر القطار أن يقِف هذه المرَّة، ليأخُذَها إلى حيثُ تتحقَّق أحلامُها، إلى حيثُ تَمنَّت دائمًا أن تكون، هناك إلى منزل الأحلام لتكون الأميرة التي تحوِّل بلمساتِها الكوْن إلى قصر من الورْد. جرت الأمور بسرعة كبيرة بعد الخِطبة فحُدِّد موعدٌ لعقدِ القِران، وحفلُ الزّفافِ سيكون بعد أقلَّ من أربعة أشهُر. عقد القران: اكتفتِ الأُسرة بِحفلٍ عائلي بسيط لعقْد القِران، حضرَه أهلُها وأهلُ خاطبِها فقط. حضر المأْذون لكتابة العقْد، وسأل سلوى إن كانت تُوافق على أن يكون خالد زوجًا لها؟ أرادت سلوى أن تُجيب ولكنَّ صوتَها انسحب خجلاً إلى قاعِ حلْقِها فلم تستطِع الإجابة، فأعاد المأْذون سؤاله وطلب منها أن تجيب بصوت واضحٍ مسموع، إن كانت توافق على هذا العقد. أشار إليْها أخوها أن تجيب حتَّى لا يُظنَّ أنَّها قد أُجبرت على الزَّواج، فأجابتْه سلوى بموافقتِها وهرعَتْ إلى أمِّها الَّتي احتوتْها وضمَّتْها إلى صدرها، تلْهج لها بالدُّعاء وتغْرِقها بدموع الفرح. لم تتوقَّف من حينِها تعليقات أَخيها: أخيرًا لم أعُد وليًّا لك يا سلوى؛ فقد استلم المهمَّة غيري، كان الله له بالعون. كانت تتوارى خجلةً من تعليقاتِه، فقد كان أخوها بمنزلة الأب منها؛ فهي لم تعرِفْ أباها الَّذي توفِّي وهي في الثَّالثة من عمرِها، وأخوها الأكبر هو مَن قام على رعايتِها والأسرة كاملة بعد أبيه. أرسلت سلوى خطَّها إلى كلّ مَن تذكَّرتْه من رفيقات الدراسة، يحمل دعوتها لهنَّ لحضور زفافِها المرتقَب، حتَّى مَن انقطعت بها أسباب الصِّلة؛ فقد أرادتْ أن يُشاركَها الفرَح كلُّ مَن عرفته. كان الفرح يملأُ قلوبَهنَّ لأجلِها، وألسنتُهنَّ تلهج بنشوة: "أخيرًا"، وكأنَّه أمرٌ قد يُئس من حدوثه، وحِيل بينها وبين تحقيقِه إلى الأبد. عزمْنَ جميعًا على الحضور، لم يعتذِرْ أحد، حتَّى من كانت تفصلُها المسافات الطويلة رتَّبتْ أمورها استعدادًا للحضور على الموعد. كيف لا، وهنَّ لم يعرِفْنَ قطُّ قلبًا في نقاء وصفاءِ قلْبِها، ولا روحًا بشفافية روحِها؟! كانت تَمحو بلمساتِها كلَّ أثر للأحْزان، وتُزيل ببسماتِها كلَّ نقش للآلام. تحضيرات العرس: بدأت سلوى بِشِراء ما تحتاج إليْه، وحرصت - حتَّى لا تنسى شيئًا - على تدْوين كلِّ احتِياجاتِها في مفكَّرةٍ، كانت تُعلِّم بها كلَّ ما تنتهي من قضائه من مستلزمات، من ملابس ومفارش وعطور، وكماليات وأدوات للزينة، وكلّ ما يتعلَّق بليلة الزّفاف. أرْهقها تحديدُ ما تحتاجه؛ فمستلزمات الزّفاف كثيرة، وخشِيتْ ألاّ تتمكَّن من إتمام كلِّ التَّحضيرات على الموعِد المحدَّد؛ لذا استعانتْ بأخواتِها وصديقاتِها لمساعدتِها في التَّجهيزات الكثيرة وكافَّة الإعدادات للزّفاف، واللاتي لم يتأخرْن بدورهنَّ عن تقديم المساعدة والمشورة لها. ثوب الزفاف: كانت سلوى تترقَّب أن يحتويَها ذلك الرّداء الأبيض، الَّذي طالما حلمتْ بارتِدائه والتَّباهي به كأميرات الأحلام في قصص الخيال. أرادتْ ثوب زفافٍ مميَّز ومُلفت، مختلف عن كلّ ما رأته من أثوابٍ من قبل؛ لذا حارت كثيرًا في انتقائه؛ ولكنَّها أخيرًا اختارته، انتقتْه بعناية كبيرة لتبْدُو فاتنة في ليلة العمْر كما تسمِّيها. دنا موعِد الزِّفاف، وسلوى منهمِكة في إتْمام ما يستلزِمُه من تحضيرات نهائيَّة، والتوتُّر والقلق باديان عليْها كلَّما اقترب الموعِد، بالرَّغْم من انتهائِها من أغلب التَّرتيبات. حدَّدتْ يومًا للقِيام بتجْربة وقياس ثوْب الفرح وما قامتْ بتفصيله من ملابس للعرس، وإجْراء التَّعديلات الأخيرة عليْها قبل استِلامها، ويومًا آخَر لزيارة المزيِّنة والمختصَّة بالتَّجميل للعناية ببشرتِها وتَحديد ما تودُّ عملَه بشعْرِها ووجهِها من زينةٍ في ليلة الزِّفاف، واتَّفقتْ مع "المُخضِّبة" الَّتي ستخضب يديْها في ليلة الحنَّاء التي تسبق ليلة الزّفاف، واختارتْ من صويحباتِها مَن ترافقها وتساعدها في الاختِيار؛ فسلوى كثيرة التردّد والحيرة، فانتقت معها صديقاتها شكل المنصَّة الَّتي ستجلِس عليْها أعْلى مسرحِ قاعةِ الزّفاف، ونوع الزينة التي ستملأ بها القاعة، وطريقة الزفَّة الَّتي ستزفّ بها، وأصْناف الحلوى التي ستقدَّم للضيوف في الزّفاف، وحتَّى توْزيعات الهدايا التي سيعود بها المدعوون إلى منازِلِهم مذيَّلة باسم سلوى وزوجها. ورتَّبت مع زوجِها للسَّفر بعد الزِّفاف، فحدَّدا إحدى الدول الآسيويَّة لقضاء عدَّة أسابيع فيها. أم العروس: كانت أمّ العروس هي الأكثر قلقًا؛ فقد كانت منشغِلة بتحْضير قائمة المدعوين، والحرْص على وصول بطاقات الدَّعوة إلى كلّ الأهل والمعارف والأصدقاء. وزيارة قاعة الزّفاف والاتِّفاق مع القائمين عليْها على كلِّ التَّحضيرات، وتَحديد عددِ الضُّيوف والطَّاولات الَّتي تلزم، وكيفيَّة تنظيمها وترْتيبها في القاعة. والانتهاء من تنسيقِ متعلّقات العروس وأشيائها، وإعدادها لنقْلها إلى منزل زوجها. ومن جانب آخر حرَصتْ على أن تنصحَ ابنتَها وتعلِّمها وتزوِّدها بما تَحتاج إلى معرفتِه من خبرات حسنة، في كيفية رعاية الأسرة التي هي مقْبلة على بنائِها، فثقَّفتها بما تحتاجُه للتَّعامل مع زوجِها الَّذي قد تختلِف طباعُه وعاداته عن طباعها وعاداتها، وعرَّفتْها بما له من واجبات عليها، وأوصتْها بأن تتحلَّى بالصَّبر وبسعَة الصَّدر على ما قد تواجِهُه في حياتِها الزَّوجيَّة من صعوبات، وبأنَّ التَّفاهُم والتَّحاوُر هما من الطُّرق الأجدى لامتصاص وحلّ المشكلات. وكانت سلوى تستمِع لوصايا أمّها باهتِمام وحرص؛ فهي النَّاصح الأمين لها. وجاءت ليلة الحنَّاء: في صباح ذلك اليوم أصرَّت الأمّ أن تأْكل سلوى سبعَ تمراتٍ على الرِّيق؛ لتقيَها السمَّ والسِّحر، وأن تحصِّن نفسَها بالأذْكار والأدعية والآيات، وغمرتْها بعبق العود ورائحة البخور الثَّمين، وتزيَّنت استعدادًا لاستقبال المهنِّئات اللاتي بدأْنَ بالتَّوافُد منذ الصباح. امتلأتْ عيناها بالدموع وهي ترقُب ابنتَها الصُّغرى في أجمل حُلّة تستعدُّ للانتِقال إلى منزلها الجديد، ومغادرة منزلٍ عاشتْ فيه سنوات، درجتْ في أرْجائِه وطبعت ضحكاتِها في كلِّ زواياه، لم يكن الأمر هينًا عليْها في كلّ مرَّة كانت تهيّئ فيها إحْدى بنيَّاتها للزفاف. وفي المساء، كان الجميع قد وصل: القريبات والصديقات والجارات، ولم يبْقَ إلاَّ أن تطلَّ العروس عليهنَّ. أطلَّت سلوى كالبدر المرتقَب تضيء المكان ببهاء إطلالتها، وقد ارتدت ثوب الديباج الأخضر المعروف، والمطرَّز بخيوط الذَّهب المنسوج، ووضعتْ على رأْسِها هامة[1] من الذَّهب المسلسل ينساب سلاسله بين خصلات شعرها. وزُفَّت على أصوات "زغاريدِ" وتصفيقِ رفيقاتِها اللاَّتي أحطْنَ بها، يتراقصْن كالفراشات حولها، وأُجلستْ على أريكة تعْلوها نمارق هنديَّة خضراء مُذهبة، وبدأ الاحتِفال بالأهازيج تردِّدُها صويحباتها. بدأت مراسم الخضاب [2] فأُحضر إناء نحاسي مُلئ بماء الورد، ونُثرت به وريقات الورد؛ لتطيَّب به يدا وقدما العروس قبل أن ترسم عليْها نقوش الحنَّاء، ثمَّ شرعت المخضِّبة بنقْش الحناء على راحتَيْها وقدميها. كانت سلوى في غاية الحياء؛ ما جعل يديْها لا تكفَّان عن الارتعاش ارتباكًا، فتكرِّر عليْها المزيّنة ألا تتحرَّك وإلاَّ أفسدتِ الحنَّاء لكثرة ما كانت تُحرِّك يديها، وصويْحباتها لا يتوقَّفن عن تعليقاتهنَّ اللاذعة، ويتضاحكْن لاحْمرار وجهها خجلاً. في هذه الأثناء، شرعت الأمّ تعرض للحضور صندوقَ الذَّهب وما يَحويه من حليٍّ وجواهر، وقلائد وأساوِر وخواتم و .... انتهت المزيّنة أخيرًا من وضْع الحنَّاء على كفَّي وقدمي سلوى، فتحلّقت صاحباتُها حولها يُمسكنَ بأطراف شالٍ أخْضر مطرَّز بِخيوط الذَّهب، يرفْعنه فوق رأس العروس حينًا ويُرْخِينَه حينًا، وهنَّ يلهجْن بالدُّعاء لها بالتَّوفيق في حياتِها الجديدة ويردِّدن: "الصَّلاة والسلام عليْك يا حبيب الله محمَّد"، ويعقبْنها بالزغاريد والأهازيج: حنَّاك عجين يا سلوى حنَّاك عجين، لا تستحي من زوجِك، لا تستحين [3]. انتهتْ مراسم ليلة الحنَّاء بعد احتِفال استمرَّ ساعات، تهيَّأت في أعقابِها سلوى لإزالة آثار الحنَّاء الذي جفَّ عن يديْها وأقدامِها، فزُفَّت للمغادرة وأوْراق الورد والياسمين والريحان تتساقَط حوْلَها كقطرات المطر، وصخب الأهازيج والتَّصفيق من حولها. ما أن سارت سلوى بضْعَ خطوات حتَّى مادت بها الأرْض، وتهاوى جسدُها وخرَّت فجأة وسط صخب الحضور وهلعهم. سلوى، سلوى .. الكل يصرُخ بين بكاء وعويل، ويحاول أن يتحسَّس نبضَها الَّذي ارتَحل عن عروقِها، ولكنِ انطفأت كلُّ إضاءات الحياة في جسدِها، لم يَحتمل قلبُها الغضُّ كلَّ تلك الفرْحة، فسقطت كورقة الخريف. اختار السكون قلبُها ليَسكُنَهُ ويُسْكِنه. ماتت سلوى بسكتةٍ قلبيَّة. توقَّف قلبُها قبل أن تحتويها تلك الليلة، أو يلفّها الرِّداء الأبيض الذي انتقتْه. ولكن كان مقدَّرًا لها أن يلفَّها رداء أبيض غير الذي انتقتْه لنفسها، رداء انتقاها دون غيرِها لتُزفَّ به إلى حيثُ اختار الله أن تكون في تلك الليلة، وطُيِّبت بطيبٍ آخر غير الَّذي اختارته، وسُرِّح شعرها على يد مسرحة غير التي اتَّفقت معها، وزُفَّت زَفَّةً أُخرى لم تكن ضمن عروضِ الزفَّات التي شاهدتْها، إلى منزل آخَر غير الذي حُمِلت أشياؤها إليه، رحلت دون حلي أو جواهر أو ثياب، فقط بردائها الأبيض. رحلت سلوى: رحلت تاركة كل ما أعدته لحياتِها الجديدة، إلى حياةٍ جديدة أخرى، في مكان آخر. رحلت تاركة خلفها صمتًا، وهلعًا يملأ القلوب، ودمعًا حارقًا يملأ الأحداق. تَزَوَّدْ مِنَ التَّقْوَى فَإِنَّكَ لا تَدْرِي إِذَا جَنَّ لَيْلٌ هَلْ تَعِيشُ إِلَى الفَجْرِ فَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ مَاتَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَكَمْ مِنْ عَلِيلٍ عَاشَ حِينًا مِنَ الدَّهْرِ وَكَمْ مِنْ صَبِيٍّ يُرْتَجَى طُولُ عُمْرِهِ وَقَدْ نُسِجَتْ أَكْفَانُهُ وَهْوَ لا يَدْرِي وَكَمْ مِنْ عَرُوسٍ زَيَّنُوهَا لِزَوْجِهَا وَقَدْ قُبِضَتْ رُوحَاهُمَا لَيْلَةَ القَدْرِ ــــــــــــــــــــــ [1] زينة من الذَّهب كالخوذة توضع على الرأس. [2] الخضاب هو الحناء. [3] من الأهازيج الشعبية المخصَّصة لهذه الليلة، وغيرها كثير. موقع الألوكة
|
![]()
غير متواجد
|
إبتسم.......... فألوان الحياة بين يديكـ ......... بحب الله ورسوله ستنعم...... بعيشة لايأس فيها......... ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]()
التعديل الأخير تم بواسطة جمانة ; 12-04-2011 الساعة 12:45 PM.
|
| انواع عرض الموضوع |
العرض العادي |
الانتقال إلى العرض المتطور |
الانتقال إلى العرض الشجري |
|
|
