الرسالة الثانية عشرة : أستاذ في طاعة



بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أما بعد ..

فيا مَن أجابَ نُوحاً في قومِه ، يا مَن نصَرَ إبراهيمَ على أعدائِه ، يا مَن رَدّ يُوسفَ على أبيه يعقُوب ، يا مَن كَشَفَ الضرَّ عَن أيّوب ، يا مَن أجابَ دعوةَ زكريّا ، يا مَن قبلَ تَسبيحَ يونُسَ بنِ مَتّى .
إلهِي قد وجدتُكَ رَحيماً ، فكيفَ لا أرجُوك .؟ ووجدتُك نصيراً مُعيناً ، فكيفَ لا أدعُوك .؟
إلهِي مَن لي إذا قطعتني ؟ ومَن ذا الذي يَضُرُّنِي إذا نَفَعتَني ؟ ومَن ذا الذي يُعذِّبني إذا رَحِمتَني ؟ ومَن ذا الذي يَقرَبُني بِسُوءٍ إذا نجَّيتَني ؟ ومَن ذا الذي يُمرِضُنِي إذا عافيتَني ؟

أحبتي ..
أرسل لي أحد الإخوة رسالة على هاتفي هذا نصها : قرأت اليوم القرآن كله بعد أن طلبت منك بالأمس أن تحفزني ، والدال على الخير كفاعله ، جزاك الله خيرًا .
فالله أكبر على شبابنا ، والله فيكم الخير الكثير ، وطاقاتكم أكبر بكثير مما يُعتقد ، فقط أنتم تحتاجون لمجرد الحوافز ، وسنرى منكم العجائب ، ورمضان كله حوافز ، أعرف أنَّ الآن هناك من دبت الغيرة فيهم ، من سيعلنون التحدي ، من سيقسمون على أنفسهم أنه لن يسبقهم هذا الشاب إلى الله تعالى .
وأما اليائسون البائسون ، وأما من يحبطون بسماع هذه الأخبار فأقول : أنت مثله ، فاعمل ولكن كلُ فيما يتقن ، قال تعالى :" قل كل يعمل على شاكلته " ، وقال تعالى : " قد علم كل أناس مشربهم " ، وقال صلى الله عليه وسلم :" اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له "

ومن الفوائد أن يكون لك باب طاعة أنت من أمهر وأتقن الناس فيه ، فأنت بحق " أستاذ في هذه الطاعة " فهذا سيبذل قصاى جهده في الذكر أو قراءة القرآن أو القيام أو الدعوة إلى الله تعالى .
وقد قال صلى الله عليه وسلم :" من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة و من كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد و من كان من أهل الصيام دعي من باب الريان و من كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ; قال أبو بكر : هل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال : نعم و أرجو أن تكون منهم "

قال ابن عبد البر في كتاب التمهيد :
1- فيه أنَّ أعمال البر لايفتح في الأغلب للإنسان الواحد في جميعها ، وأن من فتح له في شيء منها حرم غيرها في الأغلب .
2- وأنه قد تفتح في جميعها للقليل من الناس .
3- وأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه من ذلك القليل .
4- وفيه أنَّ من أكثر من شيء عُرف به ونُسب إليه ألا ترى إلى قوله "فمن كان من أهل الصلاة" يريد من أكثر منها فنسب إليها لأنَّ الجميع من أهل الصلاة ، وكذلك من أكثر من الجهاد ومن الصيام على هذا المعنى ونسب إليه دُعي من بابه .

وهناك قصة مشهورة في هذا المعنى : لما كتب عبد الله بن عبد العزيز العمري العابد إلى الإمام مالك يحضه إلى الانفراد والعمل ويرغب به عن الاجتماع إليه في العلم ( يريده أن يكون مشتغلا أكثر بالعبادة )
فكتب إليه الإمام مالك أنَّ الله عز وجل قسم الأعمال كما قسم الأرزاق ، فرب رجل فتح له في الصلاة ، ولم يفتح له في الصوم ، وآخر فتح له في الصدقة ، ولم يفتح له في الصيام ، وآخر فتح له في الجهاد، ولم يفتح له في الصلاة ، ونشر العلم وتعليمه من أفضل أعمال البر ، وقد رضيت بما فتح الله لي فيه من ذلك ، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه ، وأرجو أن يكون كلانا على خير ، ويجب على كل واحد منا أن يرضى بما قسم له والسلام "

وخذوا الخبر الثاني :
صليت القيام الليلة بمسجد الأرقم بمدينة نصر برفقة الشيخ خالد أبو شادي ، وتم إعلان جمع مبلغ (120 ألف جنيه ) توجه إلى إخواننا في الصومال ، ووضعنا بفضل الله تعالى مبلغ ( مليون جنيه ) كحد أدنى للتبرعات ، وإن شاء الله سمعت ما أثلج صدري، أخوات تصدقن بذهبهن ، وأخ تصدق بمبلغ ألفين يورو ، وننتظر المزيد في هذه الحملة المباركة لدعم إخواننا في الصومال ، وإني أحثكم الإغاثة العاجلة لهؤلاء قبل أن نرى الصومال مستعمرة جديدة في أيدي الغرب .

أحبتي ..
آية التدبر من الجزء الثاني عشر :
قال تعالى :" إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت "
هذه الآية على لسان نبي الله شعيب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، استدل بها العز بن عبد السلام ، بأنه يجوز للإنسان أن يذكر مناقب نفسه .
وهذا ليتأصل عندكم جواز ذكر بعض ما يفتح الله عليكم من الخيرات .
ومثله قول إبراهيم :" يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطًا سويًا "
وقول سليمان :" يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إنَّ هذا لهو الفضل المبين "
المهم أن تنسب الفضل إلى ذي الفضل والمن والعطاء فما بنا من النعم ، ومنها التوفيق للطاعات فبمحض فضل الله .

ورسالتنا رسالة صلاح لأنفسنا وإصلاح لقلوبنا وإصلاح لمجتمعاتنا ، هذا شأن المسلمين في كل زمان ، وهذه شريعة الرحمن التي ينفرون الناس منها اليوم فتدبروا !!
الأعمال
أظن لا مجال لتذكرتكم بالعهد ، ويكفيكم أنَّ هناك من يسابقكم فهل ترضون بالدنية ؟؟؟؟؟؟؟

دعاء الأسحار وعند الإفطار :
[COLOR="rgb(0, 100, 0)"]اللهُمَّ إنّا قد أطعناكَ في أحبِّ الأشياءِ إليكَ أن تُطاعَ فيه : الإيمانُ بكَ ، والإقرارُ بكَ ، ولم نَعصِكَ في أبغضِ الأشياءِ إليكَ أن تُعصَى فيه : الكفرُ والجحدُ بِكَ ،اللهُمَّ فاغفِر لنا ما بَينَهُما .
وأنتَ قُلتَ : { وأقسَمُوا بِاللهِ جَهدَ أيمانِهِم : لا يَبعَثُ اللهُ مَن يَمُوتُ } ونحن نُقسِمُ باللهِ جَهدَ أيمانِنا لَتَبعثَنَّ مَن يَمُوت ، أفتراكَ تجمَعُ بَينَ أهلِ القَسَمَينِ في دارٍ واحدة !! .[/COLOR]
آهِ مِن كثرةِ الذنُوبِ والعِصيان ! آهِ مِن وحشةِ الجفاءِ والحِرمان .!
آهِ مِن الإفلاسِ يَومَ تُكشَفُ الأستار ، وتَفضَحُ الأوزارُ ، ولا يَنْفَعُ اعتذار !
إلهي .. أنتَ تَعلمُ سِرّي وعَلانيتي فاقبلْ مَعذرَتي ، واغفر زلتي ، واعتق رقبتي ، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني .

وكتبه
هاني حلمي
الليلة الثانية عشرة من رمضان

أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع أرسل هذا الموضوع إلى صديق
انواع عرض الموضوع
الانتقال إلى العرض العادي الانتقال إلى العرض المتطور العرض الشجري

		منتديات جعلان > جعلان العامة > جعلان للمواضيع الاسلامية
الرسالة الثانية عشرة : أستاذ في طاعة

حسابٌ واحد لجميع خدماتنا !